الحشويّة آراء و ملتزمات - الصفحه 20

أقول: بل هو منهج شيطانيّ، درجت عليه الحشوية قديماً، ونشأت عليه السلفية المعاصرة، اتّباعاً لخطواته.
وهذا التقليد ممّا يشترك فيه أتباع المنهج الحشويّ كافّةً، فهو عند الحشويّة من أهل الحديث العامّة، من أشهر آرائهم، كما التزمه مَنْ سلك هذا المنهج من المنتسبين إلى التشيّع من الأخبارية، ولذلك سمّاهم الشيخ الطوسيّ ب«المقلّدة» كما سبق ۱ .
بينما علماء الاُمّة فرّقوا بين المعارف الأُصوليّة، التي تعتمد على القناعة العلمية، ويجب فيها العلم واليقين، فهي لابدّ أن تستند إلى أدلّة علميّة يقينيّة، وتعتمد طرق البحث العلميّ والنظر والاستدلال البُرهانيّ، دون التقليد الذي لا يوصل إلّا إلى الظنّ الذي لا يُغني عن العلم شيئاً.
وبالرغم من وجود المقلّدة في الشيعة، إلّا أنّ ذلك ليس إلّا شذوذاً من ذلك البعض، وليس له منشأٌ أصيل في الفكر الشيعيّ، ولا هو من مستلزمات الالتزام بالحديث الشريف كمصدرٍ للثقافة الإسلاميّة.
فإنّ التعبّد بما جاء به الحديث والسنّة من الأحكام التعبّدية والمعارف التشريعيّة، أمرٌ مسلّمٌ وهو عين الحقّ، وهو الضروريّ، إذ التشريعُ لا يُعرف إلّا من هذا الطريق، وليس من طريق العقل والنظر.
وهذا بخلاف المعارف الأصوليّة المطلوب فيها القناعات العلميّة المتوقّفة على الفكر والنظر والبحث.
وإن كان في الأحاديث من الأدلّة والبراهين من لسان المعصومين(ع) ما يكفي للاستدلال والإقناع، إلّا أنّ الالتزام بها لابدّ أن يكون عن علم ومعرفةٍ وقناعةٍ تامّةٍ بمؤدّاها وما فيها من براهين، لا الأخذ التقليديّ والتبعيّة الظنّية.
إذَنْ، فليس مجرّد ما يُرى من شدّة التزام الإمام الصادق(ع) بالحديث

1.لاحظ العدّة في الأصول (۱ / ) وقد سبق (ص ۱۱) في هذا المقال

الصفحه من 72