الحشويّة آراء و ملتزمات - الصفحه 24

وقد اعترض على هذا بمنع الإجماع، كيف؟ والمخالف معروف.
بل عورض بوقوع الإجماع على خلافه، وذلك لتقرير النبيّ(ص) وأصحابه العوام على إيمانهم، وهم الأكثرون في كلّ عصر، مع عدم الاستفسار عن الدلائل الدالّة على الصانع وصفاته، مع أنّهم كانوا لا يعلمونها، وإنّما كانوا مقرّين باللسان، ومقلّدين في المعارف، ولو كانت المعرفة واجبةً لما جاز تقريرهم على ذلك مع الحكم بإيمانهم.
وأُجيب عن هذا: بأنّهم كانوا يعلمون الأدلّة إجمالاً، كدليل الأعرابي حيث قال: البعرةُ تدلّ على البعير، وأثر الأقدام على المسير، أفسماءٌ ذات أبراج، وأرضٌ ذاتُ فجاج، لا تدلّان على اللطيف الخبير؟
فلذا أقرّوا، ولم يُسألوا عن اعتقاداتهم.
أو أنّهم كان يُقبل منهم ذلك للتمرين، ثمّ يُبيّن لهم ما يجب عليهم من المعارف بعد حين.
ومن ذلك: الإجماع على أنّه لا يجوز تقليد غير المحقّ، وإنّما يُعلم المحقّ من غيره بالنظر في أنّ ما يقوله حقّ أم لا؟ وحينئذٍ فلا يجوز له التقليد إلّا بعد النظر والاستدلال، وإذا صار مستدلّاً امتنع كونه مقلّداً، فامتنع التقليد في المعارف الإلهية.
ونقض ذلك بلزوم مثله في الشرعيّات، فإنّه لا يجوز تقليد المفتي إلّا إذا كانت فُتياه عن دليلٍ شرعيّ، فإن اكتفى في الاطّلاع على ذلك بالظنّ وإن كان مُخطئاً في نفس الأمر، لحطّ ذلك عنه، فليجز مثله في مسائل الاُصول.
وأُجيب بالفرق، بأنّ الخطأ في مسائل الأصول يقتضي الكفر، بخلافه في الفروع، فساغ في الثانية ما لم يَسُغْ في الأولى.
احتجّ مَنْ أوجب التقليد في مسائل الأصول:
بأنّ العلم باللّه غير ممكن، لأنّ المكلّف به:

الصفحه من 72