الحشويّة آراء و ملتزمات - الصفحه 26

ولأنّه(ص) رأى الصحابة يتكلّمون في مسألة القَدَر، فنهى عن الكلام فيها، وقال: «إنّما هلك مَن كان قبلكم بخوضهم في هذا».
ولقوله(ع): «عليكم بدين العجائز» والمراد ترك النظر.
فلو كان واجباً لم يكن منهيّاً عنه.
وأُجيب عن الأوّل: أنّ المراد الجدال بالباطل، كما في قوله تعالى: (وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقّ)۱ لا الجدال بالحقّ، لقوله تعالى: (وَجَادِلْهُمْ بِالّتِى هِيَ أَحْسَنُ)۲.
والأمر بذلك يدلّ على أنّ الجدال مطلقاً ليس منهيّاً عنه.
وعن الثاني: بأنّ نهيهم عن الكلام في مسألة القَدَر على تقدير تسليمه لا يدلّ على النهي عن مطلق النظر، بل عنه في مسألة القَدَر.
كيف؟ وقد ورد الإنكار على تارك النظر، في قوله تعالى: (أَوَلَمْ يَتَفَكّرُوا فِى أَنفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللّهُ)۳.
وقد أثنى على فاعله في قوله تعالى: (وَيَتَفَكّرُونَ فِى خَلْقِ السّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ)۴.
على أنّ نهيهم عن الخوض في القَدَر لعلّه لكونه أمراً غيبيّاً وبحراً عميقاً، كما أشار إليه عليّ(ع) بقوله: «بحرٌ عميق فلا تلجه» ۵ .
بل كان مراد النبيّ(ص) التفويض في مثل ذلك إلى اللّه تعالى، لأنّ ذلك ليس من الأصول التي يجب اعتقادها، والبحث عنها مفصّلة.

1.سورة غافر: ۵

2.سورة النحل: ۱۲۵

3.سورة الروم: ۸

4.سورة آل عمران: ۱۹۱

5.التوحيد للصدوق (ص ۳۶۵) ح(۳)

الصفحه من 72