الحشويّة آراء و ملتزمات - الصفحه 30

فإنْ أفاده، لزم اجتماع الضدّين، فيما لو قلّد واحداً في قدم العالم، وآخر في حدوثه، وهو ظاهر.
وإن لم يُفده، وجب ترجيحُ النظر عليه، إذ من المعلوم ضرورةً أنّ النظر الصحيح يُفيد العلم، فإذا ترجّح النظر عليه وجب اعتباره، وترك المرجوح، إجماعاً.
وأقول: ممّا يدلّ على اعتبار اليقين في الإيمان: أنّ الأمّة فيه على قولين:
قول باعتبار اليقين فيما يتحقّق به الإيمان.
وقول بالاكتفاء بالتقليد أو ما في حكمه.
فإذا انتفى الثاني بما ذكرناه من الأدلّة، ثبت الأوّل.
وأقول أيضاً: ممّا يصلح شاهداً على ذلك قوله تعالى:
(قالَتِ اْلأَعْرابُ آمَنّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَ لكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَ لَمّا يَدْخُلِ اْلإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ)، (سورة الحجرات: ۱۴)
فنفى ما زعموه إيمانا، وهو التصديق القوليّ، بل ما سوى التصديق الجازم، حيث لم يثبت لهم من الإيمان إلّا ما دخل القلب، ولا ريب أنّ ما دخل القلب يحصل به الاطمئنان، ولا اطمئنان في الظنّ وشبهه، لتجويز النقيض معه. فيكون الثبات والجزم معتبرا في الإيمان.
فإن قلت: قوله تعالى حكايةً عن إبراهيم: (قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنّ قَلْبِى)۱ يدلّ على أنّ الجزم والثبات غير معتبر في الإيمان، وإلّا لما أخبر(ع) عن نفسه بالإيمان، بقوله: «بلى» مع أنّ قوله: «ولكن ليطمئنّ قلبي» يدلّ على أنّه لم يكن مطمئناً، فلم يكن جازماً.
قلت: يمكن الجواب بأنّه(ع) طلب العلم بطريق المشاهدة، ليكون العلم بإحياء

1.سورة البقرة: ۲۶۰

الصفحه من 72