الحشويّة آراء و ملتزمات - الصفحه 31

الموتى حاصلاً له من طريق الإبصار والمشاهدة.
ويكون المراد من اطمئنان قلبه(ع) استقراره وعدم طلبه لشي ء آخر بعد المشاهدة، مع كونه موقناً بإحياء الموتى قبل المشاهدة أيضاً.
وليس المراد أنّه لم يكن متيقّناً قبل الإراءة، فلم يكن مطمئناً، ليلزم تحقّق الإيمان مع الظنّ فقط.
وأيضاً: إنّما طلب(ع) كيفيّة الإحياء، فخوطب بالاستفهام التقريريّ على الإيمان بالكيف الذي هو نفس الإحياء، لأنّ التصديق به مقدّم على التصديق بالكيفيّة، فأجاب(ع): «بلى» آمنت بقدرة اللّه تعالى على الإحياء، لكنّي أريد الاطّلاع على كيفيّة الإحياء، «ليطمئنّ قلبي» بمعرفة تلك الكيفيّة الغريبة، البديعة.
ولا ريب أنّ الجهل بمعرفة تلك الكيفيّة لا يضرّ بالإيمان، ولا يتوقّف على معرفتها.
وأمّا سؤال اللّه سبحانه عن ذلك؟ مع كونه عالماً بالسرائر، فهو من قبيل خطاب المحبّ لحبيبه.
إن قلت: فما الجواب أيضاً عن قوله تعالى: (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ)۱ فإنّه يفهم من الآية الكريمة وصف الكافر المشرك بالإيمان حال شركه، إذ الجملة الإسمية حاليّة، فضلاً عن الاكتفاء بالظنّ وما في حكمه في الإيمان، وهو ينافي اعتبار اليقين.
قلت: لا، فإنّ الآية الكريمة إنّما دلّت على إخباره تعالى عنهم بالإيمان بالصانع والتصديق بوجوده، لكنّهم لم يوحّدوه في حالة تصديقهم به، بل اعتقدوا له شريكاً، تعالى اللّه عمّا يشركون.
وحينئذٍ فيجوز كونهم جازمين بوجود الصانع تعالى، مع كونهم غير

1.سورة يوسف: ۱۰۶

الصفحه من 72