الحشويّة آراء و ملتزمات - الصفحه 33

2 - موقفهم من العقل ودلالته:

من الاُمور الواضحة لدى البشر أنّ العقل من وسائل الإدراك التي يعتمدها الناس، لفهم الاُمور ومعرفتها، وأنّ المدركات العقلية إمّا هي بديهيّة واضحة مسلّمة عند الجميع، ولا تحتاج إلى أكثر من المقدّمات العامّة للإدراك، كالتوجّه وعدم الغفلة، وعدم الشبهة، وطلب المعرفة.
ومن المدركات ما يتوقّف على اللمس بأحد الحواسّ، والتجربة العينية والعمل الميداني.
ومنها ما يحتاج إلى المقارنة والتأمّل والنظر، والتدقيق في الاُمور والتوفيق بينها.
ثمّ بعد كلّ ذلك، فإنّ المدركات العقليّة هي من أوضح ما يثبت ويستحكم عند الناس، إذا كانت المزاولة العقلية في المجالات المذكورة التي تخصّ الإدراك العقلي.
وأحكامه ليست إلّا كلّيات عامّة، ولا دخل لها في الأمور الخاصّة الجزئية، إلّا من باب الوصول والوسيلة والدلالة منها على الكبريات، إذا كان الاستقراء والتتبّع تامّاً كاملاً.
وما وراء ذلك المجال، كالتشريعات للأحكام الدينية الفرعية، فلا مجال للعقل في دركها والكشف عنها بموازينه، فضلاً عن إثباتها ونفيها، وليس له إلّا التسليم بها والاقتناع لما ثبت منها بالطرق الصحيحة المأمونة المقرّرة عند المشرّع لها.
والشارع الكريم - وهو ربّ العقل وخالقه - تأبى حكمته الجليلة أنْ يشرّع ما يتنافى مع مسلّمات أودعها هو في أحكام العقل، أو فطر الناس عليها.
ومع وضوح هذه الحقائق، في آيات من الذكر الحكيم، وبيّنات من الحديث الشريف، وبناء عمل النبيّ(ص) وعقلاء المسلمين عليه منذ عهد الرسالة، فإنّ

الصفحه من 72