الحشويّة آراء و ملتزمات - الصفحه 34

شرذمة الحشويّة امتازت بالمخالفة لهذه البديهيّات المسلّمة كلّها.
قال الرازي - وهو يتحدّث عن الظاهري داود بن علي مؤسّس مذهب الظاهرية -: رجلٌ من الحشو، جهولٌ، لم يدر ما قال هؤلاء ولا ما قال هؤلاء؟ مع جهله بما تكلّم به الفريقان؟ وقد كان ينفي حجج العقول، ويزعم أنّ العقل لا حظّ له في إدراك شي ء من علوم الدين، فأنزل نفسه منزلة البهيمة، بل هو أضلّ.
وذكر: أنّ أهل الحشو قائلون بأنّا نأخذ العلوم من دون نظر ۱ .
قال الغزالي: وهذا لا خلاف في بطلانه ۲ .
وقد ذكر الآلوسي - وهو ممّن يتمايل إلى السلفيّة في بعض الآراء -: إنّهم استدلّوا بآية: (انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ)۳ قال بعض الحشويّة والمقلّدة: إنّها من أدلّ الدلائل على المنع من النظر والاستدلال، لما أنّ في ذلك فتح باب التفرّق والاختلاف المذموم بحكم الآية.
قال الآلوسي: وليس بشي ء، كما لا يخفى ۴ .
وهذا دليل على أنّ الحشوية لا يفهمون حتّى ظواهر الألفاظ، فإنّ كلمة (انظر) في الآية ظاهرة في معنى الاعتبار التي جاءت في القرآن: (فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِى الْأَبْصَارِ)۵ والمراد بالاعتبار هو: أن تَعْبُرَ عمّا ذكر في ظاهر اللفظ، إلى غيره، فلا تقتصر على المشاهَد، بل تعرف ما وراءه من دلالات العقل وإرشاداته ۶ .

1.الفصول، للرازي (ص ) لاحظ فيض القدير للمناوي (تفسير: (واخلع نعليك))

2.المنخول في علم الأصول (ص ۱۰۷)

3.سورة الأنعام: ۴۶

4.روح المعاني ۷: ۱۸۱

5.سورة الحشر: ۲

6.لاحظ فيض القدير للمناوي، تفسير (واخلع نعليك)

الصفحه من 72