الحشويّة آراء و ملتزمات - الصفحه 35

وهذا القصور في فهم الألفاظ واللغة، أمر معروف عن الحشوية، وقد رأينا أنّ الرازي وصف الظاهريّ بأنّه «جهول» وصرّح بأنّه «لم يدر ما قال هؤلاء ولا ما قال هؤلاء» مع «جهله بما تكلّم به الفريقان».
وقال بعضهم: الحشوية إذا وصلوا إلى الحشو تبلّدوا، فتراهم لا يفهمون بالعربية ولا بالعجميّة، كلّا واللّه، لو فهموا لهاموا، ولكن اعترضوا بحر الهوى فشقّوه وعاموا، وأسمعوا كلّ ذي عقل ضعيف وذهنٍ سخيف، وخالفوا السلف في الكفّ عن ذلك مع العوام.
ولقد كان الحسن البصري إذا تكلّم في علم التوحيد، أخرج غير أهله، وكانوا لا يتكلّمون فيه إلّا مع أهل السنّة منهم، إذ هي قاعدة أهل التحقيق، وكانوا يضنون به على الأحداث ۱ .
وهذا من أهمّ الاُمور التي أوقعتهم في مخالفات مفضوحة للملّة الإسلامية في عقيدتها وشريعتها، حيث لم يفهموا ما يروونه من أحاديث الرسول(ص) وما يتلونه من آيات الكتاب الكريم، فضلاً عن كلام العلماء.
قال الغزالي: إنّ الحشوية لم يتمكّنوا من فهم «موجود لا في جهةٍ» فأثبتوا الجهة ۲ .

1.لكن السلفية المعاصرة تخالف أولئك الفضلاء في كلّ تصرّفاتهم الإسلامية الإنسانية، فهؤلاء يحرّشون الأحداث ويحرّكونهم على المشايخ، بعد أن يملأوا عقولهم بالخرافات السطحية، وقد حدث أنّ طفلاً لم يبلغ الحُلم قال لي في مكّة المكرّمة: إنّ الشيعة يقولون في آذان الصلاة: «أشهد أنّ عليّاً رسول اللّه» فذهلت لسماع هذه التهمة الكاذبة، وتعجّبتُ، وقلتُ له: أليس عندك جهاز الراديو؟ قال: نعم، قلت: فافتحه واسمع الأذان لتعرف أنّ الشيعة يؤذّنون: «أشهد أنّ محمّداً رسول اللّه» ولمّا جاء أبوه وهو شيخ كبير، قلت: لماذا هذا التزريق الباطل للولد؟ قال: إنّه من فعل السلفية في المدارس، ومن دون علمي وعلم الآباء، بل يمنعونهم من التحدّث معنا خوفاً من تعديل أفكارهم، ولا حول ولا قوّة إلّا باللّه

2.الاقتصاد في الاعتقاد، للغزالي (ص ۳۵)

الصفحه من 72