الحشويّة آراء و ملتزمات - الصفحه 36

وسيأتي بيان ذلك في قولهم في التشبيه. كما سيأتي أنّ من أقوالهم وآرائهم الشاذّة: منع تأويل المتشابه من آيات القرآن ۱ وأنّ القرآن لا يفهم ظاهر معناه إلّا بتفسير خاصّ عن الرسول(ص) له ۲ .
فهم - بهذا - يكشفون عن قصورهم عن فهم اللغة العربية بكناياتها ومجازاتها واستعاراتها وإشاراتها التي هي رمز بلاغتها وروعة جمالها المعنوي، ممّا هو متعارف بين أهلها، وأهل سائر اللغات الرائعة البشرية.
فهم يقتصرون على ما يعطيه ظاهر الكلمة، ولا يتجاوزونه، زعماً منهم أنّ ذلك انقيادٌ منهم واتّباع وعبودية خالصة ومحضة.
مع أنّ اللغة إنّما هي وسيلة للتوصّل إلى المرادات المألوفة بين أهلها و الدلالات المعروفة بينهم.
وقد أدّى بهم هذا الالتزام الباطل بنفي حجج العقول؛ إلى نفي الاشتغال بعلم الكلام، وأنّه بدعة ومخالفة لطريق السلف.
ذكر هذا ابن السبكي، وردّ عليهم بعنف، فقال: الاسترواح إلى مثل هذا الكلام صفة الحشوية الذين لا تحصيل لهم، وكيف يُظنّ بسلف الاُمّة أنّهم لم يسلكوا سبيل النظر، وأنّهم رضوا بالتقليد؟ حاش للّه أن يكون ذلك وصفهم.
ولقد كان السلف من الصحابة رضي اللّه عنهم مستقلّين بما عرفوا من الحقّ، وسمعوا من الرسول من أوصاف المعبود، وتأمّلوه من الأدلّة المنصوبة في القرآن، وأخبار الرسول في مسائل التوحيد، وكذلك التابعون وأتباع التابعين لقُرب عهدهم من الرسول.
فلمّا ظهر أهل الأهواء وكثر أهل البدع من الخوارج والجهميّة والمعتزلة

1.لاحظ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (۶ / ۴۰۴) وسيأتي تفصيله

2.لاحظ تفسير التبيان، للطوسي (۳ / ۲۷۰) وسيأتي أيضاً

الصفحه من 72