الحشويّة آراء و ملتزمات - الصفحه 37

والقدرية، وأوردوا الشُبَه، انتدَبَ أئمّة السُنّة لمخالفتهم، والانتصار للمسلمين بما يُنير طريقهم، فلمّا أشفقوا على القلوب أن تُخامرهم شبههم شرعوا في الردّ عليهم وكشف فسقهم، وأجابوهم عن أسئلتهم، وحاموا عن دين اللّه بإيضاح الحجج.
ولمّا قال اللّه تعالى: (وَجَادِلْهُمْ بِالّتِى هِيَ أَحْسَنُ)۱ تأدّبوا بآدابه سبحانه ولم يقولوا في مسائل التوحيد إلّا بما نبّههم اللّه سبحانه عليه في محكم التنزيل.
والعجبُ ممّن يقول: «ليس في القرآن علم الكلام» والآيات التي في الأحكام الشرعية (عديدة) والآيات التي فيها علم الاُصول يجدها تُوفي على ذلك وتربى بكثير.
وفي الجملة: لا يجحد علم الكلام إلّا أحد رجلين:
جاهلٌ، رَكَنَ إلى التقليد، وشقّ عليه سلوك أهل التحصيل، وخلا عن طريق أهل النظر «والناس أعداء ما جهلوا» فلمّا انتهى عن التحقّق بهذا العلم، نهى الناس، ليُضلّ غيره كما ضَلّ.
أو رجلٌ يعتقدُ مذاهب فاسدة، فينطوي على بدعٍ خفيّةٍ يُلبس على الناس عَوار مذهبه، ويُعمّي عليهم فضائح طويّته وعقيدته.
ويعلمُ أنّ أهل التحصيل من أهل النظر هم الذين يهتكون الستر عن بدعهم، ويُظهرون الناس قبحَ مقالتهم و«القلّاب لا يُحبّ مَنْ يميّز النقود» والخلل في ما في يده من النقود الفاسدة، لا في الصرّاف ذي التمييز والبصيرة.
وقد قال اللّه تعالى: (هَلْ يَسْتَوِى الّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ)۲ » ۳ .
ويُحاول بعض الحشوية الاعتراف بأنّ «الشرع يتضمّن بيان الدلائل العقلية التي يُحتاج إليها ويُنتفع بها في هذا الباب، وقد اعترف بذلك أئمّة طوائف الكلام

1.سورة النحل: ۱۲۵

2.سورة الزمر: ۹

3.طبقات الشافعية الكبرى (۳ / ۴۲۱)، ولاحظ تبيين كذب المفتري (۱ / ۳۵۸)

الصفحه من 72