الحشويّة آراء و ملتزمات - الصفحه 40

3 - القول بالتشبيه والتجسيم باسم الصفات الخبرية:

وعلى أثر تعطيلهم للعقول، والمنع عن حججها، وتعصّبهم للالتزام بالظواهر، ونفيهم للتأويل والفهم العُرفي من النصوص، والتزامهم بكلّ ما سمّوه «خبراً وحديثاً» مهما كان أصله ومصدره، تورّطوا في باب الصفات الإلهية.
قال القاضي أبو المعالي بن عبد الملك: قالت الحشوية المشبّهة: إنّ اللّه سبحانه وتعالى يُرى مكيّفاً محدوداً كسائر المرئيات ۱ .
وقالت الحشوية والمجسّمة: إنّه سبحانه حالّ في العرش، وإنّ العرش مكان له وهو جالسٌ عليه.
وقالت الحشوية: يده يدٌ جارحة، ووجهه وجه صورة.
وقالت المشبّهة والحشوية: النزول نزول ذاته بحركة، وانتقالٌ من مكانٍ إلى مكان، والاستواء جلوس على العرش وحلولٌ فيه.
ثمّ ذكر أنّ الأشعري خالفهم في ذلك كلّه ۲ .
وذكر كبار المعتزلة عن ذلك، قولهم: أمّا التشبيه فإنّما كان سبب حدوثه في هذه الاُمّة: أنّ قلوب العامّة لا تسبق إلّا إلى ما تصوّره، فلمّا تركوا النظر، وركبوا طريقة التقليد، أدّاهم ذلك إلى ما قلنا.
ولو نظروا بعقولهم لعلموا أنّ ما يجوز عليه الجمع والتفريق والتبديل والتغيير لا يكون إلّا محدَثاً، ولعلموا أنّ محدث العالم إذا كان هو الأوّل أنّه لا يجوز أن يكون إلّا قديماً، مخالفاً للأجسام والأعراض.

1.تبيين كذب المفتري (۱ / ۱۴۹ - ۱۵۰)

2.نفس المصدر السابق

الصفحه من 72