وأرى أنّ السبب في إشاعتهم تلك التهم وتأكيدهم على نسبتها إلى الشيعة وأعلام الفكر الإمامي بالذات، أمور منها:
1 - الجهل، وعدم فهم مغزى الكلمات التي تداولها متكلّمو الشيعة، لقصور الحشوية في مشاعرهم والبلادة المعروفة عنهم في فهم الاُمور وإدراكها، فيعتمدون ظواهر الكلمات، وينسبون ما يتخيّلون ويتوهّمون إلى غيرهم.
2 - محاولة تبرئة سلفهم من شناعة تلك الخرافات والسخافات، وكأنّهم بذلك يخفّفون عن كواهلهم ثقل ما التزموا، كما رأينا تصريح ابن تيميّة بأنّ التجسيم لو كان في الحنابلة، فهو موجود في كلّ الطوائف.
يريد بذلك أن يخلص عن المحاسبة! كما سلف.
3 - الخلط عليهم - عمداً أو جهلاً أو سهواً - بين الأسماء المتشابهة، فكثيراً ما يرى نسبة أقوال أحد إلى الآخر، مثل ما نسبوه إلى هشام بن الحكم، ما هو ليس من كلامه ولا رأيه ولا يناسب مذهبه، بل هو كلام معروف لهشام الفوطيّ من أهل السنّة المعروفين.
ومن غرائب هذا الأمر أنّ ابن حزم الظاهري جعل «داود الجواربي» من الإمامية، ونسب أقواله إليهم.
وهو الغاية في السفاهة، والتزوير.
ولو دقّقوا - وخاصّة المتأخّرين والمعاصرين لنا من أساتذة الجامعات والدارسين الجُدد - لوجدوا هذا الخلط واضحاً.
وقد أوضحنا جانباً من هذا في بحثنا «مقولة جسم لا كالأجسام بين رأي هشام بن الحكم ورأي سائر أهل الكلام» ۱ .
كما أنّ مراجعة المصادر الأصلية تكشف الكثير عن الواقع سواء في مجال
1.نشر في مجلّة تراثنا، العدد (۱۹)