فأصغى إليه العبّاس فسمع قولَه ، فرفع رأسه عنه فقال : قد قال - واللَّه - الكَلِمَ التي سأله عنها .
فظهر بذلك أنّ حديث الضَّحْضاح ممّا ولَّده الوضّاعون المقبوحون ، وافتعله الأفّاكون المفضوحون ، مع ما سيأتي من الوجوه الأخرى الدالّة على بطلان هذا الحديث واختلاقه ، وباللَّه تعالى التوفيق .
(فصل)
وأمّا حديث أبي سعيدٍ الخُدْريّ رضى الله عنه فقد أخرجه أحمد في (مسنده) ۱ قال : حدّثنا هارون بن معروفٍ ، حدّثنا ابن وَهْبٍ ، قال حَيْوَة : حدّثني ابن الهاد أنّ عبداللَّه بن خبّابٍ حدّثهم عن أبي سعيد الخدريّ رضى الله عنه أنّه سمع رسول اللَّه صلى الله عليه وآله - وذُكر عنده عمّه أبو طالبٍ - فقال : لعلّه أن تنفعه شفاعتي يوم القيامة فيُجعل في ضَحْضاحٍ من النار يبلغ كعبَيْه ، يغلي منه دِماغه .
قلت : قال ابن سعدٍ : عبد اللَّه بن وَهْبٍ كان كثير العلم ، ثقةً فيما قال (حدّثنا) وكان يدلّس ۲ (اه ) .
وهو هنا لم يصرّح بالتحديث كما ترى .
ورواه أحمد أيضاً ومسلم ۳ عن قتيبة بن سعيدٍ ، عن اللَّيث بن سعدٍ ، عن يزيد ابن الهاد ، به .
والبخاريُّ عن عبداللَّه بن يوسف التِّنِّيسيّ ، عن الليث ، به ۴ .
1.مسند أحمد : ۳ / ۵۵ - كتاب الإيمان لابن مَنْدة : ۲ / ۲۹۱ ح ۹۶۸ - مسند أبي يَعْلى : ۲ / ۵۱۲ ح ۱۳۶۰ - دلائل النبوّة : ۲ / ۳۴۷
2.تهذيب التهذيب : ۳ / ۲۹۶
3.مسند أحمد : ۳ / ۸ - ۹ ، ۳ / ۵۰ - صحيح مسلم : ۲ / ۱۸۷
4.صحيح البخاريّ : ۵ / ۶۶