الحشويّة الأميريّون - الصفحه 22

ففي هذا النصّ من الحديث : أثبت الرسول صلى الله عليه وآله البراءة لمن أنكر «فَمَنْ أَنْكَرَ فقد بَرِئَ» والمراد بالبراءة براءة الذمّة ممّا يجب عليه ، فهو إيجاب للإنكار على الاُمراء والمعارضة لما يقومون به من منكر ، وهذا هو واجب المسلم في النهي عن المنكر .
لكن مسلماً فسّره بالإنكار القلبيّ، كما سيأتي.
وقوله : «ومَنْ كَرِهَ فقد سَلِمَ» فيه الدلالة على أنّ الأوّل الذي أنكر قد يتعرّض للأذى والتهمة من الأمير والأميريّين ، ولكن هذا الثاني قد سَلِمَ .
وماذا تعني السلامة ، فهل الرسول صلى الله عليه وآله يدعو إلى السلامة في هذا الفرض ، ويحبّذها ، وهو الذي تحمّل الأذى - بأشدّ أشكاله - في سبيل الحقّ والدين؟! .
ثمّ هل المسلم الغيور يطلبُ السلامة أمام مخالفة الحكّام، وليتردّى الوضع من سيّى ءٍ إلى أسوأ؟!.
ثمّ قوله : «أمّا مَنْ رَضِيَ وتابَعَ»:
قال النووي : هذا في حقّ من لايستطيع إنكاره بيده ولا لسانه ، فليكرهه بقلبه وليبرأ ۱ .
وجواب «أمّا» هنا محذوف في نصّ الحديث ، فما هو حكمه؟!
قال النووي: «رَضِيَ وتابَعَ» : معناه : «لكنّ» الإثم والعقوبة على «مَنْ رَضِيَ وتابَعَ» .
والظاهر أنّ واضعي الحديث لم يتجسّروا على نسبة وجوب الطاعة إلى الرسول صلى الله عليه وآله مخافة الفضيحة، ولم يحلُ لهم الحكم بالإثم والعقاب على الراضي ، لأنّه يشملهم جميعاً! فسكتوا عما فعله بعض الرواة من الحذف ۲ .

1.شرح النووي لمسلم (۱۲ / ۲۴۳)

2.لاحظ صحيح مسلم - طبع صبيح (۶ / ۲۴) وبشرح النووي (۱۲ / ۲۴۴)

الصفحه من 88