الحشويّة الأميريّون - الصفحه 33

وقال تعالى : (انفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً) وقد علم اللَّه تعالى أنّه ستكون اُمراء فُسّاق فلم يخصّهم من غيرهم .
وكلّ مَنْ دعا إلى طاعة اللَّه في الصلاة المؤدّاة كما أمر اللَّه تعالى ، والصدقة الموضوعة مواضعها المأخوذة في حقّها ، والصيام كذلك والحجّ والجهاد كذلك ، وسائر الطاعات كلّها ، ففرضٌ إجابته ، للنصوص المذكورة .
وكلّ من دعا من إمام حقّ ، أو غيره ، إلى معصيةٍ ، فلا سمع ولا طاعة ، كتابُ اللَّه أحقّ ، وشرط اللَّه أوثق .
وقال عليه السلام : «لكل امرى ءٍ ما نوى» .
وروّينا من طريق البخاري . . . أنّ أبا هريرة ، قال : أمر رسول اللَّه صلى الله عليه وآله بلالاً ، فنادى في الناس : «إنه لا يدخل الجنّة إلّا نفسٌ مسلمة ، وإنّ اللَّه ليؤيّد هذا الدين بالرجل الفاجر»۱.
فمن غزا مع فاسق ، فليقتل الكفّار . . . فإنّ إخراجهم من ظلمات الكفر إلى نور الإسلام فرض ، يعصي اللَّه مَنْ تركه قادراً عليه ، وكلّ معصية فهي أقلّ من تركهم في الكفر وعونهم على البقاء فيه . . ولا إثم بعد الكفر أعظم من إثم مَنْ نهى عن جهاد الكفّار ، وأمر بإسلام حريم المسلمين إليهم ، من أجل فسق رجلٍ مسلمٍ ، لا يُحاسب غيره بفسقه ۲ .
وهكذا ، يخلط ابن حزم بين المطالب من حقّ لا بحث فيه ، وباطلٍ يطلبه :
فأوّلاً : إنّ مسألة وجوب الجهاد تحت لواء إمام حقّ ، أو أمير عادل ، لنشر الإسلام من فروع الدين الضرروية ، والتخلّف عن ذلك معصية ، وهذا أمرٌ لا خلاف في أصله بين المسلمين .

1.صحيح البخاري (۴ / ۱۶۶) .

2.المحلّى لابن حزم (۷ - ۲۹۹ - ۳۰۰)

الصفحه من 88