الحشويّة الأميريّون - الصفحه 40

وأنتُم أعظم النّاس مصيبة لما غلبتم عليه من منازلِ العلماء لو كنتُم تشعرون ، ذلك بأنّ مجاريَ الأُمورِ والأحكامِ عَلَى أيدي العُلَماء باللَّه الاُمناءِ عَلَى حَلاَلِهِ وَحَرَامِهِ ، فأنتُم المَسْلُوبونَ تلك المنزلةِ وَما سُلِبْتُم ذلك إلّا بتفرُّقِكُم عن الحقِّ واْختلافِكُم في السُنّة بعد البيّنة الواضحة ، وَلَوْ صَبَرْتُم علَى الأذَى وتحمّلْتُم المؤونة في ذاتِ اللَّه كانت أُمور اللَّه عليكُم تَرِدُ وعنكم تصْدُرُ وَإِلَيْكُمْ تَرْجعُ ، ولكنَّكُم مكّنتُم الظَّلَمَة مِنْ منزِلَتِكُمْ ، وأسلمتم أُمور اللَّه في أيديهم ، يَعملون بالشُّبُهاتِ ، ويَسيرونَ في الشَّهَواتِ ، سلّطهم على ذلك فرارُكُم مِنَ الموتِ وإعجابُكُم بالحياة التّي هي مفارقتُكُم ، فأسلمتم الضُّعفاءَ في أيديهم؛ فمن بين مُستعبَدٍ مقهورٍ ، وبين مستضعَف على معيشتِهِ مغلوبٍ ، يتقلّبون في المُلكِ بآرائِهم ، ويستشعِرونَ الخِزْيَ بأهوائهم ، اقتدءاً بالأشرار وجرأةً على الجّبارِ ، في كُلّ بَلَدٍ منهم على مِنْبَرِهِ خطيبٌ مُصْقعٌ .
فالأرضُ لهم شاغرةٌ ، وأيديهم فيها مبسوطة ، والنّاسُ لهم خَوَل ، لا يدفعون يد لامسٍ ، فمن بين جبّار عنيدٍ ، وذي سطوةٍ على الضعفةِ شديدٍ ، مُطَاعٍ لا يَعْرِفُ المُبْدِئ المعيدَ .
فيا عجباً ! وما لي لا أعجبُ والأرض من غاشٍّ غَشُومٍ ، ومتصدِّقٍ ظلومٍ ، وعامِلٍ على المُؤمنينَ بهم غيرُ رحيمٍ ، فاللَّه الحاكمُ فيما فيه تنازعنا ، والقاضي بحكمه فيما شجر بيننا .
الّلهمّ إنّك تعلم أنّه لم يكن ما كان منّا تَنافُساً في سُلْطانٍ ، ولا اْلِتماساً من فضول الحطامِ ، ولكن لنُرِيَ المعالِمَ من دينك ، ونُظْهِرَ الإصلاحَ في بلادِك ، ويأمنَ المظلُومونَ مِنْ عبادِك ، ويُعْمَلَ بفرائِضِكَ وسُنَنِك وأحكامِك .
فإنَّكُم إن لا تَنْصُرونا وتنصفونا قويت الظّلمة عليكم ، وعَمِلَوا في إطفاءِ نُورِ نَبيِّكُم .

الصفحه من 88