الحشويّة الأميريّون - الصفحه 43

فأوّلاً : إنّ ما هو طاعةٌ للَّه، لايحتاج في الالتزام بها إلى دعوة الفاسق ، بل اللَّه تعالى حدّد أوامره ، والرسول كذلك عيّن ما هو طاعة وما هو معصية؟ .
فما الحاجة إلى دعوة الفاسق الجاهل؟
وما هو إلا كدعوة الكافر للمسلمين إلى الصلاة؟ ودعوة المجنون الناس إلى برّ الوالدين؟ فإنّ ذلك ليس إلّا كالحجر إلى جنب الإنسان .
فما دخل هذا في البحث حتّى يذكره ابن تيمية ، ويناور حولَه؟
إلّا ما ذكرنا من تطويله الكلام للتهويل والتشويش .!
فاسمع كلامه التالي، قال : إنّ الناس قد تنازعوا في وليّ الأمر الفاسق والجاهل :
* هل يُطاع في مايأمربه من طاعة اللَّه وينفذ حكمه وقسمه إذاوافق العدل ؟.
* أو لايطاع في شي ءٍ، ولا ينفذ شي ءٌ من حكمه وقسمه ؟.
* أو يفرّق في ذلك بين الإمام الأعظم ، وبين القاضي ونحوه من الفروع ؟.
على ثلاثة أقوال :
أضعفها عند العامّة هو : ردّ جميع أمره وحكمه وقسمه .
وأصحّها عند أهل الحديث وأئمّة الفُقهاء هو القول الأوّل ، وهو أن يُطاع في طاعة اللَّه مطلقاً ، وينفذ حكمه وقسمه إذا كان فعله عدلاً مطلقاً .
حتّى أنّ القاضي الجاهل والظالم ينفذ حكمه بالقول، على هذا القول ، كما هو قول أكثر الفقهاء . انتهى .
فقد اعترف ابن تيمية بوجود الخلاف في الأمر ، وهذا بخلاف ما ادّعاه أوّلاً من عدم الخلاف ، لكنّه هُنا أخفى عن القرّاء حقيقةً مهمّةً ، وهي : أنّ البحث من الوالي الفاسق والظالم ، ليس في مسألة إطاعته في الطاعات ، فقد عرفتَ أنّ الطاعات ليس في بابها حاجةٌ إلى توسّط الأمير الفاسق ، وليس هذا مبحوثاً عنه ، وليس من شأن الفاسق الظالم ولا دَيْدَنُه ، وإنّما عادته الفسق والظلم ، والقيام بما يُخالف الشرع ، والبحث إنّما في طاعته في المعصية! .

الصفحه من 88