الحشويّة الأميريّون - الصفحه 44

فانظر: كيف يسكت ابن تيمية عن هذا البحث الذي هو محطّ النزاع ، ومحلّ النقض والإبرام؟ ولكنّه يتعرّض لما لاأثر له ولاحاجة إليه من البحوث ؟!.
فالسؤال المهمّ: ما هو رأى العامّة القائلين بطاعة الأمير الفاسق : في ما لو أمر بالفسق وبالظلم والمعصية؟ فما هو موقف هؤلاء الذين يسمّيهم أهلَ الحديث؟ في هذا الّذي هو محلّ الحاجة لمعرفة رأيهم ورأي ابن تيمية فيه ! ؟ .
والأمر الأهمّ ، وهو : أنّ نفس فسق الوالي، وظلمه، وتعدّيه، وتجاوزه للحدود الشرعيّة ، وغصبه للحقوق العامّة الماليّة والاعتباريّة ، وإتلافه لمال اللَّه ، وغصبه لأموال الخلق ، وقتل الأبرياء ، وتولية المجرمين ! .
فما هو تكليف المسلمين تجاهه ؟.
وما هو رأي أهل الحديث في هذه المسألة؟.
إنّ هذا هو محلّ البحث ، الذي يسكتُ ابن تيمية عنه ، ويخفيه ضمن تفصيلاته الخارجة والحواشي التي يطوّل حولها الكلام بلا طائل؟.
وقبل كلّ هذا : فهل الدينُ الإسلاميُّ ، يُقرُّ تولية الاُمراء الظلمة والفاسقين على المسلمين يعبثون في حكومتهم ودولتهم ، ويتسلّطون على أموالهم ونفوسهم وأعراضهم ، باسم الدين والخلافة والإمارة الإسلاميّة ؟.
وهل هذا يُوافق ما يرجوهُ الناسُ من الدين من العدلٍ والأمنٍ والإيمان ؟.
وما هو واجب المسلمين تجاهَ مثل ذلك الوالي؛ لو تسلّط وتغلّب وظلمَ وفجرَ ؟.
فهل عليهم الطاعةُ - وهو القبول بإمارته وخلافته ؟ والسكوت على مظالمه ، وإيكالها إلى اللَّه ، وأنّ حساب الوالي ليس إلينا وإنّما هو إلى اللَّه ! ويجب تحمّل ظلمه والصبر على ذلك ، لأنّه مِن قَدَر اللَّه وقضائه؟! وهذا هو الذي يُوجبه الحَشْوِيَّةُ على المسلمين!
فلماذا يتغافل عنه ابن تيمية ؟ وهو الّذى يحاول أنّ يُخفيه في جدله العقيم ، وإن كُنّا سوف نستخرجه من خلال كلماته! واعترافاته .

الصفحه من 88