الحشويّة الأميريّون - الصفحه 45

وهو يُحاول - في الفقرة الاُولى التي نقلناها من كلامه - أن يُنكر إطاعة العامّة للفاسق في المعصية ! وأنّهم لايطيعونه مُطلقاً ! بل خاصّاً بعدم المعصية !.
ولكن هذا الإنكار باطلٌ؛ لأنه يوجد بين العامّة مَنْ يقول بالطاعة المطلقة للولاة الجائرين .
ولمّا لايجد بُدّاً من الاعتراف بوجود هؤلاء ، جعل لائِمَةَ القول بالطاعة المطلقة على «أهل الشام ممّن هم شيعة عثمان» ! يتصوّر أنّ هذا مخلصٌ له عن الإشكال .
وفي هذه الفقرة : يُحاول تقسيم العامّة إلى مُطيعٍ للفاسق - في طاعة اللَّه - مطلقاً .
فتراهُ يعترفُ بالإطلاق ، مع أنّه يقيّده بقوله: «في طاعة اللَّه» ! فالسؤال هو:
ما معنى الإطلاق هنا؟ مع أنّ طاعة اللَّه غير قابلة للتقييد ، إذا كانت طاعةً للَّه؟.
فإنّ طاعة اللَّه ليستْ بحاجةٍ إلى توسّط الأمير الفاسق ، فهي طاعةٌ للَّه، وداخلةٌ في قوله : (وَأَطِيعُوا اللَّهَ)؟.
ومع ما ذكرنا من أنّه ليس البحث عن الفاسق في ما يرتبط بالطاعات ، وإنّما الأمر المشكل ، والمسؤول عنه: هو اتّباعه في الفسق والمعصية؟.
فالذين قالوا : «بوجوب طاعة الفاسق مطلقاً» قصدوا بالإطلاق طاعته في المعصية والطاعة ؟.
وقد سمعنا أنّ ابن عمر وأمثاله من الحَشْوِيَّة ، قالوا : بوجوب تسليم الصدقات إليهم ، ولو صرفُوها في مفاسدهم من تقليد الكلاب وشراء البِْيزان ، وشرب الخمور ، على موائدهم !.
والتاريخ شاهدٌ أنّ العامّة أطاعوا ولاتهم البُغاة والجُناة حتّى في حرب الخليفة الراشد عندهم ، وهو الإمام بالحقّ أمير المؤمنين عليّ عليه السلام ، وحتّى في قتل الحسين سبط الرسول صلى الله عليه وآله ، وحتّى في قتل القرّاء التوّابين في عين الوردة ، وحتّى سكتَوا عنه في قتل الصحابة والتابعين مثل حُجْر بن عَدِيّ ، وسعيد بن جُبَيْر .
والأنكى من ذلك تولية الظلمة والفجرة والقتلة من أمثال بُسْر بن أبي أرطاة،

الصفحه من 88