الحشويّة الأميريّون - الصفحه 49

فقد جاءت في ترجمته : أنّ أبا جعفر المنصور العبّاسيّ : دفع أبا حنيفة إلى صاحب شرطته حُميد الطوسي ، فقال حُميد : إنّ أمير المؤمنين يدفع إليَّ الرجل فيقول لي : «اقتله» أو «اقطعه» أو «اضربه» ولا أعلم بقصّته؟! فماذا أفعل ؟.
فقال أبو حنيفة :هل يأمرك أمير المؤمنين بأمرٍ قد وجب ؟ أو بأمر لم يجب ؟!.
قال حُميد : بل بما قد وجب !.
قال أبو حنيفة : فبادِرْ إلى الواجِبِ!؟ ۱ .
فلماذا لايستفيد الحنابلة من هذه السياسة الناجحة التي تضمن لهم الدنيا ، وإقدام الناس!؟.
فانظر كيف أخفى ابن تيمية هذا الاعتراف الخطير ، ضمن مناوراته وتطويله !.
وإذا قيل : إنّ عدم الخروج ، لايعني الطاعة مطلقاً ، فقد لايخرج ولايطيع ، بل يقف متفرّجاً !.
قلنا : إنّ الظالمين لم يقنعوا من المسلمين بِمِثل ذلك ، بل إنّما يُطالبونهم بالطاعة والسير طبق مرادهم ، وإلّا فلماذا يحكمون ؟ وعلى من يحكمون ؟ وبمن كانوا يقومون بما قاموا به من مظالم وحروب ، هذا أوّلاً .
وثانياً : إنّ الفرض المذكور هو خلاف الواقع التاريخي ، فإنّا نرى الاُمّة قد انقادت للظلمة ، وخاضت معهم حروباً ومعارك شرسةً وقبيحةً ضدّ معارضيهم ، حتّى قاموا بأفضع المظالم :
فمَن داهمَ المدينةَ المقدّسة ، وأباحها ثلاثة أيّام ، في وقعة الحرّة ؟.
ومَن هاجمَ مكّةَ المكرّمة ، أيّام ابن الزُبير ، وهدم الكعبة ؟.
وحتّى الكبار من أصحاب الجلود المنفوخة ، لم تظهر منهم مخالفات - معلنة - ضدّ الظلمة والطغاة من الخلفاء والاُمراء .

1.سير أعلام النبلاء (۶ / ۴۰۱)

الصفحه من 88