الحشويّة الأميريّون - الصفحه 56

لا يُبدأ بقتالهم كيفما كان ، وإنّما بعد الإنذار وإتمام الحجّة ، فأيّ دخلٍ لهذا في موضوع البحث والكلام .
وهذا من مزاودات ابن تيمية في كلماته ، للتبعيد والتضليل .
وأمّا ذكره للآية الكريمة : (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِى ءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ) .
فقال ابن تيمية : فلم يأمر بقتال الباغية ، ابتداءً !.
فهذا عجيبٌ منه ، فإنّ الآية لاتبحث عن الابتداء وعدمه مباشرة، فكيف يورد الآية هنا؟ .
مع أنّ الآية ذكرت «الطائفتين» موضوعاً للحكم من دون أن يصفهما أو إحداهما بالبغي ، ثمّ فصّل بين ما لو كانت إحداهما باغيةً فيجب قتالها ابتداء .
وإذا كان استدلاله بصدرها قوله تعالى: (فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا) بأنّه ذكر القتال لإحدى الطائفتين بعد الأمر بالإصلاح بينهما، لابمجرّد القتال .
فمن المعلوم أنّ مجرّد اقتتال الطائفتين لم يُظهر الباغي منهما ابتداءً ، فلذا أمر بالتدخّل لغرض الإصلاح ، والذي يتبيّن من خلاله المحقُّ من المبطل ، فليست الباغية محدّدةً قبل ذلك ، حتّى يأمر بقتالها ، فعدم الأمر بقتالها حينئذٍ لايفيد ابن تيمية للاستدلال .
وأمّا ذيل الآية (فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي) .
فهو دالّ على الأمر بقتال الباغية مباشرةً ، بعد ثبوت بَغْيِها .
فالآيةُ تدلّ على خلاف مقصود ابن تيمية لأنّها تُثبت وجوب قتال الباغية بعد ثبوت كونها الباغية ، مباشرةً وبدون تأمّل ؟.
فأين محلّ استدلاله بالآية على أنّه لم يأمر بقتال الباغية ابتداءً ؟.
وهذا من إلحاد ابن تيمية في كلام اللَّه !.
وأمّا قوله : فكيف يأمر بقتال ولاة الأمر ابتداءً ؟.

الصفحه من 88