وهذا تدليس منه ، إذْ يوحى أنّ جملة «إلّا أن تروا كفراً بَواحاً . . .» متّفق عليها «النصّين» وليس كذلك .
ثمّ جملة : «إلّا أن تروا كفراً بَواحاً . . .» مسبوقةْ بكلمة «قال» وهي حسب نسق الرواية راجعة إلى عبادة ، وأنّه هو القائل ، لأنّ المذكور في الرواية عن الرسول صلى الله عليه وآله هو فعل البيعة على كذا وكذا .
ولا أقلّ من كون هذا احتمالاً في المقام ، لما سيأتي في شرحنا للرواية .
ثم إنّ توقيف الاستثناء على الكفر البَواح - يعني الصريح - من الوُلاة؛ ليس كما تصوّره ابن تيمية دليلاً على أنّ الخروج على الولاة متوقّف على ظهور الكفر باللَّه منهم .
فالنووي يقول في تفسيره للحديث : والمراد بالكفر - هنا - المعاصي ، ومعنى «عندكم من اللَّه فيه بُرهان» أي : تعلمونه من دين اللَّه تعالى» ۱ .
والمهم في الحديث : أنّه وارد في بيعة الرسول صلى الله عليه وآله نفسه ، ثمّ ذكر فيه أهل الأمر، و معنى «على أن لا ننازع الأمر أهله» واضح جدّاً ، فأنّ أهل الأمر ، هم الذين لهم أهلّية الأمر ، وهم من هو حقّهم ، لاالظلمة والفجرة ، لأنّ الفاسق ليس أهلاً لها ابتداءً ، لإجماعهم على أنّه «لا تنعقد لفاسقٍ ابتداءً» ۲ .
وليس في الحديث ذكر للاُمراء إطلاقاً ! فلماذا أقحموا هذا الحديث في باب إمرة الاُمراء الظلمة !؟.
وأمّا قوله : «وعلى أثرةٍ علينا» أو بدون «على» فبما أنّ الكلام فيه حول بيعة الرسول صلى الله عليه وآله وشروطها ، ومن المحال أن يستأثِرصلى الله عليه وآله ظلماً على الاُمّة ، وكذلك من هو أهلٌ للأمر ، فلابُدّ أن تُحمل هذه الجملة على معنى : «وعلى ما نتصوّره من أثرةٍ
1.صحيح مسلم بشرح النووي (۱۲ / ۲۲۹)
2.نفس المصدر والموضع