ولو كان واجب السامع أن يتنازَل عن حقوقه الخاصّة ، فيتحمّل الضرب ويعرض عن ماله المأخوذ! لكن هل هذا الموقف صحيح تجاه الوالي الشيطان : المخالف لهدي النبي صلى الله عليه وآله والتارك لسنّته !
أليس مثله خارجاً عن الملّة ؟!
أفمع هذا يقول النبي صلى الله عليه وآله : «فاسمع وأطع» .
يسمَعُ ماذا ؟ غير الهُجر ، والفِسق والفُجور .
ويُطيعُ ماذا ؟ غير الظلم والجور والاعتداء .
فياللَّه العجب ، من الشوكاني المتعالِم أنْ يورد مثل هذا الحديث ويرضى به ويتابع عليه ، رغبةً في أن يكون ممّن : «رضي وتابع . . .».
ومع هذا كلّه فإنّ ما أورده في هذا الباب خاصٌ برواة الأميريين الحَشْوِيَّة ، ووارد في كتبهم خاصّة ، وإن اختلفوا في تفسيره وتأويله .
ولم يردْ شي ءٌ منه عند غيرهم من الفرق المعارضة ، فلاوجود لها بهذه النصوص المحرّفة إلّا عند أتباع السلطان وأعوانه، بينما مثل هذا ممّا يتعلّق بأمر إمامة الأئمّة وولايتها وحكمها على المسلمين - كافّةً - من الاُمور التي تبتلي بها عامّة الاُمّة، وعلى طول الدهر ، فلابدّ من كونها مشهورةً بين المسلمين عامّةً ، ومرويّةً عندهم جميعاً، وأن يكون من الضروريّات الواضحة ، لأهميّتها وحسّاسيتها ، كما هو الحال في أكثر ما يتعلّق باُمور الدين اللازمة العامّة لجميع المسلمين .
وقد عرفت أنّ ما استدلّوا به غير دالٍّ على مرادهم ، فهو إمّا مأوّلٌ ، أو ظاهرٌ في غيره ، وإنّما أقحموها في الباب ، حبّاً للتكاثُر الذي ألهاهم عن الحقّ ، وللتهويل على الآخرين ، واللَّه المستعان على ما يصفون .
وحيث بلغ بنا البحث إلى هذا ، فنرى من الضروري لإكماله من تقديم نماذج من الولاة الذين يرضى الحَشْوِيَّة بما أتوه من منكرات ، وفعلوه من المعاصي ، المعلنة التي رواها الرواة وتناقلتها الأنباء والروايات :