لعبد الملك، لا بين اللَّه وخليفته ! ليس فيها مثنويّة ۱ .
وهكذا تتبلورُ الروح الأميريّة ، حتّى تنقلب إلى كُفْرٍ بَواح ، ولكن باسم الإطاعة لولاة الأمر !.
قال النووي : ردّ دعوى الإجماع على «عدم جواز الخروج» على الاُمراء ، بقيام جماعةٍ عظيمةٍ من التابعين والصدر الأوّل على الحجّاج ، مع ابن الأشعث .
فقيل في جواب هذا : إنّ قيامهم على الحجّاج ليس بمجرّد الفسق ، بل لِما غَيَّر من الشرع ، وظاهَرَ من الكُفْر ۲ .
ولكن حشويّة العصر ، لايهمّهم كلُّ هذا ، ما دام الرجل من الاُمراء ، فيقومون بالسمع والطاعة لهم ، ويكفي هذا لأن يُصبح الحجّاج عندهم «الأمير العربيّ البطل المؤمن» .
وينبري أحدهم لتأليف كتاب «الحجّاج بن يوسف الثقفي رحمه اللَّه !! المفترى عليه» ۳ .
وهو يكذّب - بحججٍ واهيةٍ ومتناقضةٍ ومتهافتةٍ وخطابيّةٍ- كلّ المؤرّخين والرواة والعلماء في ما نقلوه وأجمعوا عليه من أفعال الحجّاج، بما يندى له جبين العلم والضمير الإنساني، وهو من مخازي الأمّة أنْ يقوم منها كاتب يدافع عن الحجّاج الذي ملأ فساده الدنيا من أوّلها إلى آخرها، ويقول بلا حياءٍ: «أُغرمتُ به وامتلأ قلبي بحبّه والإعجاب» ويصفه بأنّه وجده «ورعاً زاهداً و...مسلماً مخلصاً» !.
وبينما هو يكذّب جميع ما تواتر عن إجرامه، يبرّر ذلك بأنّه «كان يطيع إمامه وخليفته» !؟.
1.الأشراف لابن أبي الدنيا (ص ۵۱) ح ۶۳ . وانظر الحيوان للجاحظ (۳/۱۵) ط هارون
2.صحيح مسلم بشرح النووي (۱۲ / ۲۲۹)
3.المطبوع بدار السلام في القاهرة ۱۴۱۵ ه