الحشويّة الأميريّون - الصفحه 93

والأحاديث في المنع من اتّباع السلطان، والتحذيرعن علماءالبلاط، متظافرة ۱ .
وقد أصبح «الكونُ مع السلطان» سمةً تسقط بها وثاقة الراوي في نقل الحديث، فمن ألفاظ الجرح عندهم: «كانَ مَعَ الأمراء» ۲ و«مَعَ السلطان» ۳ وكذلك قولهم: «كان كاتباً» أو «قاضياً» أو «على السوق» يُريدون بذلك العمل للسلطان ۴ .
ومع أنّهم هم المجروحون بهذا الجرح العظيم؛ نجدهم يتظاهرون بالتزام الجرح والتعديل للرواة، ويتبجّحون بذلك، ولهم في هذا الوادي طامّاتٌ، حتى قال الجاحظ المتوفّى 250 ه فيهم: ولهج أصحاب الحديث بحكمٍ لم أسمع بمثله في تضعيف الرجال وتصحيح الأخبار، وإنّما أكثروا في ذلك ليعلم حَيدْهم عن التفتيش وميلهم عن التنقير وانحرافهم عن الإنصاف... ۵ .
لكنّ الحقائق والنصائح لاتروق الأميريّين؛ محبّي الدنيا والزهو والغطرسة والسلطة !.
وهكذا جرت السلفيّة الحَشْوِيَّة على هذه السيرة الباطلة الغاشمة ، طيلة القرون حتّى عصرنا الحاضر ، فسوّدوا وجه التاريخ الإسلاميّ بتسليطهم للجهلة من الاُمراء والخلفاء والسلاطين ، الفارغين عن كلّ علم بالدين والإدارة والعدل والنظام، والمنهمكين بالمفاسد والملاهي وسفك الدماء وقتل الأبرياء وتبذير الأموال .

1.أورد الإمام الكليني عن ذلك في الكافي الشريف، كتاب العلم ، باب المستأكل بعلمه (۱ / ۴۶) وابن عبدالبرّ في جامع بيان العلم

2.معرفة الرجال لابن معين (رقم ۱۸۳ و۸۶۹)

3.معرفة الرجال لابن معين (رقم ۴۶۲ و۸۶۶)

4.معرفة الرجال لابن معين (رقم ۸۷۵) ومواضع أخر

5.الشارب والمشروب. الرسائل الأدبية (ص ۲۸۶) .

الصفحه من 88