القرآن الكريم و مشكلة أخبار الآحاد - الصفحه 105

لما رووها ولاتديّنوا بها - ۱ .
وكان أربعة من رواة الأحاديث حائزين المرتبة الأولى في هذا الميدان ، بل كانوا يعتبرون المحور لأساس لذلك المركز : وهم :
أبو هريرة ، وعمرو بن العاص ، والمغيرة بن شعبة ، من الصحابة ، وعروة بن الزبير من التابعين ۲ .
وهذا لايعني أنّ هؤلاء الأربعة - فقط - كانوا منغمسين في هذه الطامّة ، بل كان هناك مئاتٌ من المزوّرين في كلّ بلدةٍ وقريةٍ ، كما أشرنا إليه آنفاً .
ولنذكر هنا واحدةً من الأمثلة ، لتكون عبرةً للناظرين :
«روي أنّ معاوية بَذَلَ لسَمُرة بن جُنْدَب مائةَ ألف درهم حتى يروي أنّ هذه الآية نزلت في عليّ بن أبي طالب : ( وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ) .
وأنّ الآية التالية نزلت في ابن ملجم وهي قوله تعالى : ( وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ) !
فلم يقبلْ ، فبَذَلَ له مائتي ألف درهم فلم يقبلْ ، فبَذَلَ له ثلاثمائة ألف فلم يقبلْ ، فبَذَلَ له أربعمائة ألف فقَبِلَ ، وروى ذلك» ۳ .

(2) - اعترافات بعض المفترين والوضّاعين .

وكان من سوء حظّ المسلمين أنّ أكثر المنجرفين مع هذا التيّار كانوا يتظاهرون بالزهد والصلاح كما مرّ آنفاً ، من أمثال أبي عصمة؛ فرج بن أبي مريم؛ المروزي ،

1.شرح نهج البلاغة : لابن أبي الحديد المعتزلي - دار إحياء الكتب العربية - القاهرة - ج ۱۱ ص ۴۴ - ۴۶

2.نفس المصدر : ج ۴ ص ۶۳

3.نفس المصدر : ص ۲۳

الصفحه من 122