القرآن الكريم و مشكلة أخبار الآحاد - الصفحه 107

فإنّ اُولئك المزوّرين كانوا عارفين بنفسيّة طوائف المسلمين ولذا وضعوا الأحاديث ضدّ القرآن في زيّ فضائل الصحابة أو أهل البيت ليضلّلوا بها المنتمين إلى السنّة والشيعة .
فتلقّى المسلمون العسلَ المسمومَ بأيدي القبول، ولعقُوه برغبةٍ واشتياقٍ ، غافلين عن عاقبته الوخيمة .
ولأنّ كلّ وضّاعٍ كان يروي «الحديث» حسب مشتهياته؛ لم يكن بين وضّاعٍ وآخر أيّ تنسيقٍ ، ولذلك نرى في تلك الروايات اختلافاتٍ وتناقضاتٍ غير متناهيةٍ .
ولقد راجع اُستاذ الفقهاء السيّد الخوئي طاب ثراه تلك الروايات واستنتج من ذلك أنّ الخلفاء ليسوا هم الذين جمعوا القرآن قطّ ، وإنّ سهم عثمان في هذا الأمر هو جمعه الناس على قراءةٍ واحدةٍ ، وهي القراءة التي كانت متعارفةً بين المسلمين ، والتي تلقّوها بالتواتر عن النبيّ صلى الله عليه وآله وأنّه منع القراءات الاُخرى ، لأنّ الاختلاف في القراءة كان يؤدّي إلى الاختلاف بين المسلمين ۱ .
وعلى كلّ حال : إذا استقرّ في أذهان المسلمين أنّ القرآن إنّما جُمع بعد الرسول صلى الله عليه وآله فقد أصبح الأمر سهلاً يسيراً لأعداء الإسلام لوضع الأحاديث الدالّة على سقوط كثيرٍ من الكلمات والجمل ، حتّى بعض السور عن القرآن الموجود بين الدفّتين ، لأنّها ضاعت حينما أراد أبو بكر أو عمر أو عثمان أن يجمع القرآن - حسب زعمهم - ونسبوا هذه المفتريات إلى الكبار من الصحابة واُمّهات المؤمنين .
ولأنّ المسلمين كانوا ذاهلين عن مغزى تلك الروايات وكانوا يتلقّونها كأحاديث فضائل الصحابة فتقّبلوها بقبول حسن .

1.ومن يريد البحث التفصيلي فعليه المراجعة إلى «البيان في تفسير القرآن» للسيد الخوئيّ قدس سره من (ص ۱۸۲ - ۲۷۸)

الصفحه من 122