الطريق إلي استخراج كتاب مفقود لابن بطريق - الصفحه 188

جيّدةً من أشعاره الدالّة على غزارة مادّته في العلم والذكاء رحمه اللَّه ۱ .
قال ابن أبي الحديد: كان صديقنا عليّ بن يحيى البطريق رحمه اللَّهُ، يقول:
لولا خاصّة النُبوّة وسرّها لما كان مثلُ أبي طالب - وهو شيخُ قريشٍ ورئيسها وذو شرفها - يمدحُ ابن أخيه محمّداً، وهو شابٌّ قد ربا في حِجره، وهو يتيمه، ومكفوله، وجارٍ مجرى أولاده، بمثل قوله:

وتلْقوا ربيعَ الأبْطحينِ محمّداً
على رَبوةٍ في رأسِ عَيْطاء۲عَيْطل

وتأوي إليه هاشِمٌ إنّ هاشِماً
عَرانِينُ كعبٍ آخِراً بعدَ أوّل

ومثل قوله:

وأبيضُ يُستسقَى الغمامُ بِوجههِ
ثِمالُ۳اليَتامى عِصمةٌ للأرامل

يَلُوذُ۴بِهِ الهُلّاكُ من آلِ هاشِمٍ
فهُمْ عِندهُ في نِعمةٍ وفواضِل

فإنّ هذا الأُسلوب من الشعر لايُمدَح به التابعُ والذُنابى من الناس، وإنّما هو من مديح المُلوك والعُظماء، فإذا تَصوّرتَ أنّه شعرُ أبي طالب عليه السلام ذاك الشيخُ المبجّلُ العظيمُ، في محمّدٍ صلى الله عليه وآله، وهو شابٌّ مستجيرٌ به، معتصمٌ بظلّه من قريشٍ، قد ربّاهُ في حِجره غُلاماً، وعلى عاتِقه طِفلاً، وبينَ يديه شابّاً، يأكلُ من زاده، ويأوي إلى داره؛ علمتَ موضع خاصّية النُبُوّة وسِرّها، وأنّ أمره كان عظيماً، وأنّ اللَّهَ تعالى أوقعَ في القُلُوب والأنْفُس له منزلةً رفيعةً ومكاناً جليلاً ۵ .

1.البداية والنهاية (۱۳/ ۱۶۴) وفي طبعة: (ص ۱۹۱)

2.في المصدر: عنقاء

3.وفي نسخة: ربيع

4.كذا في ديوان شيخ الأباطح (ص ۶) وزهرة الأدباء شرح اللاميّة (ص ۲۳)

5.شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (۱۴/۶۳)

الصفحه من 227