عطفاً على الظاهر ، وهذا مذهب مشهور للنحاة .
إذا ثبت هذا فنقول : ظهر أنّه يجوز أن يكون عامل النصب في قوله : (وأرجلكم) هو قوله : (وامسحوا) ، ويجوز أن يكون هو قوله : (فاغسلوا) ، لكن العاملان إذا اجتمعا على معمول واحد ، كان إعمال الأقرب أولى ، فوجب أن يكون عامل النصب في قوله : (وأرجلكم) هو قوله : (وامسحوا) ، فثبت أنّ قراءة (وأرجلكم) بنصب اللام توجب المسح أيضاً .
فهذا وجه الاستدلال بهذه الآية على وجوب المسح .
ثمّ قالوا : ولا يجوز دفع ذلك بالأخبار ; لأنّها بأسرها من باب الآحاد ، ونسخ القرآن بخبر الواحد لا يجوز» ۱ .
ويلاحظ : أنّ الزمخشري سلّم أنّ قراءة الجرّ تلزمه أن يقول بوجوب المسح ، فحاول التخلّص منه بقوله :
فإن قلت : فما تصنع بقراءة الجرّ ودخولها في حكم المسح ؟
قلت : الأرجل من بين الأعضاء الثلاثة المغسولة تغسل بصبّ الماء عليها ، فكانت مظنّة للإسراف المذموم المنهي عنه ، فعطفت على الثالث (الرؤوس) الممسوح ، لا لتمسح ، ولكن لينبّه على وجوب الاقتصاد في صبّ الماء عليها ۲ .
وهو كما ترى تعليل تبرّعي يرفضه الذوق العرفي واللغوي ، ومن الغريب صدوره من مثله ، وقد لوحظ عليه : « أنّ الوجوه والأيدي مظنّة للإسراف المذموم مثل الأرجل ، فلماذا نبّه على وجوب الاقتصاد في صبّ الماء في خصوص الأرجل دون غيرها مع كون الجميع مظنّة للإسراف في صبّ الماء ؟ » ۳ .
1.التفسير الكبير للفخر الرازي ۱۱ / ۱۶۱ .
2.تفسير الكشّاف ، جار الله الزمخشري ، شرح وضبط يوسف الحمّادي ۲ / ۱۱ طبع مكتبة مصر .
3.الاعتصام بالكتاب والسنّة ، جعفر السبحاني ص۲۳ .