عرض الحديث علي كتاب الله من قواعد تمييز الصحيح الموافق له من الباطل المخالف - الصفحه 45

يثبت عدم حجّيتها ، والتعارض إنّما يقع بين الحجّتين ; إذ لا معنى لمعارضة الحجّة بغير الحجّة .
هذا على منهج نقد السند ، وأمّا على منهج نقد المتن (منهج العرض) فإنّ الرواية تعرض رأساً على محكم الكتاب ومحكم السنّة ، فإن وافقتهما فهي حجّة وإن كانت ضعيفة السند ، وإن خالفتهما فليست بحجّة ، وإن كانت صحيحة السند .
وأيضاً فإنّ الروايتين المتعارضتين تعرضان على محكم الكتاب والسنّة ، فيحكم بحجّية الموافقة لهما للعلم بصدورها حينئذ ، وتردّ المنافية لهما ; للعلم بعدم صدورها .
والملاحظة المهمّة التي يجب بيانها هنا : أنّ التعارض إنّما يقع بين الروايتين ، ويكشف عن حجّية إحداهما دون الأُخرى ، فنعمد لتعيين الحجّة منهما بالعرض على الكتاب والسنّة ، وبعبارة أُخرى : إنّ التعارض إنّما يتصوّر وقوعه بين الحجّة وغير الحجّة ، لا بين الحجّتين ; لأنّ الحجّية حكم مجعول من قبل الشارع الحكيم ، فلا يعقل أن يجعلها لكلّ من المتنافيين ، وعليه فلابدّ أن نعمد منذ البداية إلى عرض الروايتين المتنافيتين معاً على محكم الكتاب والسنّة ، لنميّز الحجّة منهما عن غير الحجّة ، وليس من الصحيح أن نعمد أوّلا إلى النقد السندي ، لنثبت بواسطته الحجّية شرعاً لروايتين متنافيتين بناءً على وثاقة رواتهما ، ثمّ نلجأ بعد ذلك إلى عرضهما على الكتاب والسنّة ، لنرجّح إحداهما على الأُخرى .
الأمر الخامس : بعد ثبوت مشروعية قاعدة (العرض على الكتاب) وأدائها إلى العلم بصدور الحديث أو عدم صدوره ، يجب تحكيمها في جميع الأحاديث ، لا فرق في ذلك بين ورودها في مصنّفات العامّة أو الشيعة ، بما في ذلك الكتب الموسومة بالصحاح ; ذلك أنّ صحّة الرواية في اصطلاحهم لا تعني أنّ مضمونها معلوم الصدور ، وإنّما تعني فقط : أنّ رواتها ثقات ، وبما أنّ الثقة قد يخطئ ; لأنّه ليس معصوماً ، فإنّ صدور روايته يبقى في دائرة الظنّ الذي لا يغني من الحقّ شيئاً ، فلابدّ

الصفحه من 47