إذا تبيّن ذلك نقول :
أوّلا : إنّ ردّ روايات العرض على الكتاب بدعوى ضعف أسانيدها ، مدفوع بكونها مروية في مصادر الفريقين بطرق كثيرة تبلغ حدّ التواتر المفيد للعلم بصدورها ، وقد اتّفق العلماء في هذه الحالة على حجّية الرواية المتواترة ، ولم يشترطوا ثبوت عدالة رواتها أو وثاقتهم ، هذا مع أنّ بعض طرق الرواية صحيح في مصنّفات الإمامية .
ثانياً : إنّ بعض الباحثين من القدماء والمحدثين تصدّى للاعتراض على زعم أنّ روايات العرض موضوعة من قبل الخوارج والزنادقة ، وممّا طرحوه بوجه هذا الزعم ما ذكره الإمام الزيدي القاسم بن محمّد بن علي بقوله : « وأنكر الخطّابي والذهبي هذا الحديث وقال : هو من وضع الزنادقة ، بلا حجّة سوى الاعتماد على أحاديث شيعة معاوية دعاة النار ، بالنصّ المعلوم من علماء الأُمّة ، من قوله في عمّار : يدعوهم إلى الجنّة ويدعونه إلى النار » ۱ .
وأمّا من المحدثين ، فقال السيّد جعفر مرتضى : إنّنا « لا ندري متى عقد الخوارج والزنادقة اجتماعهم الذي قرّروا فيه وضع هذا الحديث واختلاقه . . . كما أنّنا لم نستطع معرفة مبرّرات اتّخاذهم قراراً كهذا ، وهل أنّ حديث العرض على الكتاب يفيد الزنادقة والخوارج ، وكيف ؟ وهل إنّ عدم عرضه يضرّهم ، وكيف ؟» ۲ .
ويمكن الجواب عن الشقّ الأخير من هذا الاعتراض من وجهة نظر الرافضين لرواية العرض ، الذين يرون أنّ معناها : عدم الأخذ بالأحاديث التي لا يوجد نصّ مطابق لها في القرآن الكريم ، بأنّ الفائدة التي تعود على الواضعين من ذلك هي :
1.الاعتصام بحبل الله المتين ، المصدر السابق ۱ / ۲۲ .
2.الصحيح من سيرة النبيّ الأعظم(صلى الله عليه وآله) ، السيّد جعفر مرتضى العاملي ۱ / ۲۷۲ .