إبطال العمل بمعظم الأحاديث الواردة عن النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله) التي تكوّن المصدر الأساسي للإسلام في جوانبه الفكرية والعقائدية والتشريعية .
إلاّ أنّ هذا المعنى الذي يراه الرافضون لروايات العرض ، ليس مراداً للشارع قطعاً ، كما سنبيّن ذلك بعد قليل ، مضافاً إلى أنّ ما تقدّم من إثبات تواتر هذه الروايات الذي دفعنا به القول بضعفها ، يدلّ على انتفاء وضعها من باب أولى .
النقطة الثانية : في ردّ الاعتراض على روايات العرض بأنّ مضمونها ينعكس على نفسه بالبطلان ; لأنّنا نجد في غير آية من القرآن الكريم ، أنّ الله عزّوجلّ يأمر باتّباع رسول الله (صلى الله عليه وآله) وامتثال أوامره بنحو مطلق ، ولم يقيّد ذلك بالموافقة للكتاب الكريم أو بعدم المخالفة .
فنقول : لا شكّ أنّ السنّة النبوية تكون المصدر الثاني للتشريع الإسلامي إلى جانب القرآن الكريم ، وكلّ منهما وحي من الله سبحانه ، والفرق بينهما أنّ القرآن موحى بلفظه ومعناه ، والسنّة موحاة بمعانيها فقط للرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) ، ليقوم هو بصياغة ألفاظها ، هذا من جهة ، ومن جهة أُخرى فإنّ الله تعبّدنا بتلاوة نصّ القرآن الكريم دون الحديث .
وأمّا ما استدلّ به المعترضون من الآيات الآمرة بالأخذ بالسنّة مطلقاً فهو صحيح ولا اعتراض عليه ، إلاّ أنّه ناظر إلى السنّة الصادرة واقعاً من النبيّ الأكرم وأهل بيته المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين ، وأمّا روايات العرض فهي ناظرة إلى ما ينقله الرواة من الأحاديث ، وتريد أن تضع ضابطة لنقد هذه الروايات والتأكّد من صدورها عن المعصومين (عليهم السلام) .
وبعبارة أُخرى : إنّ الرافضين للأخذ بروايات العرض على الكتاب يذهبون إلى أنّ هذه الروايات تشمل السنّة الصادرة واقعاً عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) وتريد أن تحصر حجّيتها في حدود مطابقتها التامّة لما جاء في آيات الكتاب ، وهذا يؤدّي إلى الغاء ما هو ثابت من وظيفة السنّة في تخصيص عموم الأحكام الثابتة في الكتاب ، وتقييد