النبيّ (صلى الله عليه وآله) بالتواتر أو بالضرورة من الدين .
وعليه فكيف يتوهّم أنّ مدلول روايات العرض إنكار حجّية السنّة أو إلغاء وظيفتها في مجال التشريع ؟
فالحقّ : أنّ الشارع المقدّس يريد بروايات العرض ، تأسيس قاعدة شرعية تتمثّل بعرض الأحاديث المظنون صدورها عن المعصومين (عليهم السلام) على ما هو معلوم الصدور ، وهو : آيات الكتاب والسنّة المجمع عليها ، فإن كانت تلك الأحاديث مخالفة لمعلوم الصدور ، دلّ ذلك على عدم حجّيتها ، إمّا لأنّها موضوعة على المعصومين ، أو لخطأ واشتباه الرواة الناقلين لها .
وبعبارة أُخرى : إنّ روايات العرض لا يراد بها إلغاء حجّية السنّة الشريفة ، وإنّما يراد بها تحصيل العلم بما هو سنّة وحجّة واقعاً ، ممّا ينقله الرواة من أحاديث المعصومين (عليهم السلام) .
وروايات العرض بهذا المعنى لها شاهد من كتاب الله عزّوجلّ ، كقوله تعالى : فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْء فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الاْخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا۱ .
وجاء في عهد الإمام عليّ (عليه السلام) لمالك الأشتر (رضي الله عنه) : « واردد إلى الله ورسوله ما يضلعك من الخطوب ، ويشتبه عليك من الأُمور ، فقد قال الله تعالى لقوم أحبّ إرشادهم : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الاَْمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْء فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ ، فالرادّ إلى الله الآخذ بمحكم كتابه ، والرادّ إلى الرسول الآخذ بسنّته الجامعة غير المتفرّقة » ۲ ، أي : التي أجمع المسلمون على صدورها من النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، ولم يختلفوا في نسبتها إليه .
1.سورة النساء ۴ : ۵۹ .
2.نهج البلاغة ، تحقيق صبحي الصالح ، ص۴۳۴ ، طبع دار الكتاب اللبناني ـ بيروت .