عرض الحديث علي كتاب الله من قواعد تمييز الصحيح الموافق له من الباطل المخالف - الصفحه 29

قال ابن قيّم الجوزية : « إنّ قوله : فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْء نكرة في سياق الشرط ، تعمّ كلّ ما تنازع فيه المؤمنون ، دقه وجلّه ، جليّة وخفية ، ولو لم يكن في كتاب الله [وسنّة] رسوله بيان حكم ما تنازعوا فيه ، ولم يكن كافياً ، لم يأمر بالردّ إليه ; إذ من الممتنع أن يأمر الله تعالى بالردّ عند النزاع إلى ما لا يوجد عنده فصل النزاع . . . إنّ الناس أجمعوا [على] أنّ الردّ إلى الله سبحانه هو الردّ إلى كتابه ، والردّ إلى الرسول (صلى الله عليه وآله) هو الردّ إليه نفسه في حياته ، وإلى سنّته بعد وفاته » ۱  .
ويلاحظ : أنّ بعض العلماء قد ذهب إلى تصحيح مضمون رواية العرض على الكتاب حتّى على فرض عدم صحّة سندها ، قال الشاطبي : « لابدّ في كلّ حديث من الموافقة لكتاب الله كما صرّح به الحديث المذكور ، فمعناه صحيح ، صحّ سنده أو لا » ۲  .
وقال أيضاً : « إذا كان الحديث مخالفاً ـ يكذّبه القرآن والسنّة ـ وجب أن يدفع ويعلم أنّه لم يقله . . . والحاصل : صحّة اعتبار الحديث بموافقة القرآن وعدم مخالفته ، وهو المطلوب على فرض صحّة هذه المنقولات ، وأمّا إن لم تصحّ فلا علينا ; إذ المعنى المقصود صحيح » ۳  .
وقال الدكتور السباعي : « لئن كان ردّ الحديث من جهة السند كما ذكر أهل العلم بالحديث ، فلا كلام لنا فيه ، ويجب أن نسلّم لهم ما قالوه . . . ولئن كان ردّه من جهة المتن ، فهذا الحديث قد روي بألفاظ مختلفة ، ففي أكثر الروايات : (فما وافق فاقبلوه ، وما خالف أو لم يوافق فردّوه) ، وهذا النصّ ليس فيه ما يقتضي الحكم
بالضعف ، فضلا عن أن يقول فيه عبدالرحمن بن مهدي : (إنّه من وضع الخوارج

1.إعلام الموقّعين ۱ / ۴۹ ـ ۵۰ .

2.الموافقات ، الشاطبي ، أبو إسحاق ، شرحه وخرّج أحاديثه عبدالله درّاز ۴ / ۱۶ .

3.الموافقات ، الشاطبي ۴ / ۱۷ .

الصفحه من 47