عرض الحديث علي كتاب الله من قواعد تمييز الصحيح الموافق له من الباطل المخالف - الصفحه 31

والسنّة القطعية الصدور ، والدليل على ذلك : أنّ إرادة المطابقة التامّة ، تقتضي إلغاء حجّية السنّة بوصفها مصدراً ثانياً إلى جانب القرآن الكريم في مجال التشريع ، وحصر وظيفتها في مجرّد تأكيد ما هو وارد في آيات الكتاب ، وهذا مناف لأمر الشارع المقدّس باتّخاذ أحاديث النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله) مصدراً للأحكام الشرعية ، كقوله تعالى : وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا۱  ، وكقوله(صلى الله عليه وآله) : « ألا وإنّي أُوتيت القرآن ومثله معه » ۲  ، كما أنّه مناف لما استقرّت عليه سيرة علماء المسلمين جميعاً من التعامل مع الأحاديث الشريفة بوصفها مصدراً لتشريعات مستقلّة لم ترد في القرآن الكريم ، مضافاً إلى وظيفتها في تخصيص عمومات الكتاب ، وتقييد مطلقاته ، وتفصيل ما ورد فيه من أحكام مجملة .
وأمّا المخالفة ، فالمراد بها المنافاة والمعارضة المستقرّة بين الكلامين ، فإذا عارض مدلول الكلام المروي عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) مدلول آية قرآنية أو حديثاً متواتراً ، كان ذلك دليلا على عدم صدور الحديث عنه (صلى الله عليه وآله) ، ذلك أنّ آيات الكتاب والسنّة الواقعية، كلتاهما وحيٌ إلهيٌّ صادر من الله عزّوجلّ، ومبلّغ من قبل النبيّ الأكرم(صلى الله عليه وآله)، ومن المستحيل أن يقع التنافي والتعارض في كلام الشارع المقدّس ; لأنّه مناف للعلم والحكمة ، وقد قال تعالى : وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً۳ وقد ورد في الحديث عن الإمام الباقر (عليه السلام) : « أبى الله عزّوجلّ أن يكون في حكمه اختلاف أو بين أهل علمه تناقض » ۴  ، فجعل وجود الاختلاف والتنافي في الكلام كاشفاً عن صدوره من غيره عزّوجلّ ، ودليلا على عدم صدوره عنه .

1.سورة الحشر ۵۹ : ۷ .

2.مسند أحمد ۴ / ۱۳۱ ، سنن أبي داود ۴ / ۳۰۰ الحديث ۴۶۰۴ .

3.سورة النساء ۴ : ۸۲ .

4.الكافي ، الكليني ۱ / ۲۵۱ باب في شأن (إنّا أنزلناه في ليلة القدر) الحديث۷ .

الصفحه من 47