المبيّن للكتاب أو المستقل بالتشريع ، ومن موارد ذلك قول الشافعي : « لم تكن
السنّة لتخالف كتاب الله ، ولا تكون السنّة إلاّ تبعاً لكتاب الله ، بمثل تنزيله ، أو مبيّنة
معنى ما أراد الله » ۱ .
فقوله : (بمثل تنزيله) ، يريد به السنّة المؤكّدة لما هو مشرّع بنصّ الكتاب ، وقوله : (أو مبيّنة معنى ما أراد الله في كتابه) ، يريد به السنّة المخصّصة أو المقيّدة أو المفصّلة لما جاء في الكتاب .
وقال في موضع آخر : « إنّ سنّة رسول الله لا تكون مخالفة لكتاب الله بحال ، ولكنّها مبيّنة عامّة وخاصّة » ۲ .
وبقرينة مقابلة (المخالف) في كلامه للمماثل والمبيّن للكتاب ، يتعيّن أنّ المراد بالمخالف خصوص المنافي والمعارض .
وقال عبدالعزيز البخاري : « إنّ المراد من قوله (عليه السلام) : (وما خالف فردّوه) عند التعارض . . . فإنّه يعمل بما في كتاب الله ، ولا يجوز ترك ما هو ثابت في كتاب الله تعالى نصّاً عند التعارض » ۳ .
المرحلة الرابعة : أمثلة تطبيقيّة لقاعدة العرض على الكتاب :
المثال الأوّل : الحديث الذي رواه الخليفة الأوّل عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنّه قال : (نحن معاشر الأنبياء لا نورّث) ۴ ; لإثبات مشروعية مصادرته لـ(فدك) من بضعة النبيّ الأكرم فاطمة الزهراء (عليها السلام) .
فكان من الزهراء (عليها السلام) أن حاكمته إلى القرآن الكريم بقولها : « أعلى عمد تركتُم
1.الرسالة ، الشافعي ، ص۲۲۳ .
2.الرسالة ، الشافعي ، ص۲۲۸ .
3.كشف الأسرار عن أُصول البزدوي ، علاء الدين البخاري ۳ / ۲۷۵ .
4.صحيح البخاري، محمّد بن إسماعيل ۸/۱۸۵ كتاب الفرائض، طبع دارإحياءالتراث العربي ـ بيروت.