عرض الحديث علي كتاب الله من قواعد تمييز الصحيح الموافق له من الباطل المخالف - الصفحه 34

كتابَ الله ونبذتُمُوهُ وراءَ ظُهُوركُم إذْ يقول : وَوَرِثَ سُلَيَْمانُ دَاوُودَ۱  ، وقال فيما
اقتصّ من خبر زكريا : فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً۲ » ۳  .
فقد أراد أبو بكر تخصيص عمومات الإرث بهذا الحديث ، وهو صالح لذلك لو بقينا نحن وهذه العمومات ، إلاّ أنّ الزهراء (عليها السلام) احتجّت عليه بوجود آيتين كريمتين تنصّان على توريث الأنبياء (عليهم السلام) وأنّ النسبة بين هاتين الآيتين وبين ما ذكره من الحديث هي التنافي ، ممّا يقتضي العلم بعدم صدور الحديث .
ومن الغريب لجوء أبي بكر إلى الاستدلال بالحديث دون الكتاب ، مع أنّه من أنصار مقولة : « حسبنا كتاب الله » التي تدعو إلى الاكتفاء بالكتاب عن السنّة ; إذ نقل عنه قوله للناس بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) : « إنّكم تحدّثون عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)أحاديث تختلفون فيها ، والناس بعدكم أشدّ اختلافاً ، فلا تحدّثوا عن رسول الله شيئاً ، فمن سألكم عن شيء فقولوا : بيننا وبينكم كتاب الله فاستحلّوا حلاله ، وحرّموا حرامه » ۴  .
وقد حاول بعضهم تصحيح دعوى أبي بكر ، بأنّه لا منافاة بين ما نسب إلى النبيّ(صلى الله عليه وآله)من قوله : (نحن معاشر الأنبياء لا نورث) وبين الآيتين المذكورتين ، بادّعاء أنّ الحديث ناظر إلى وراثة المال ، وأمّا الآيتان فهما ناظرتان إلى وراثة العلم والنبوّة ۵  .

1.سورة النمل ۲۷ : ۱۶ .

2.سورة مريم ۱۹ : ۶ .

3.النصّ والاجتهاد ، عبدالحسين شرف الدين ، ص۱۰۸ طبع مؤسّسة الأعلمي ـ بيروت .

4.تذكرة الحفّاظ ، الذهبي محمّد بن أحمد ۱ / ۲ ـ ۳، وراجع كتاب «تدوين السُنّة الشريفة» للسيّد الجلاليّ (ص ۲۶۵ و ۴۲۴) طبع مكتب الإعلام الإسلاميّ (دفتر تبليغات ـ بوستان كتاب) قم  .

5.تفسير روح المعاني ، محمود الآلوسي ۱۶ / ۶۴ طبع دار إحياء التراث العربي بيروت .

الصفحه من 47