عرض الحديث علي كتاب الله من قواعد تمييز الصحيح الموافق له من الباطل المخالف - الصفحه 39

المثال الثالث : رواية أبي أُمامة أو عمر بن خارجة أنّه سمع رسول الله (صلى الله عليه وآله)يقول في خطبته في حجّة الوداع : « إنّ الله قد أعطى كلّ ذي حقّ حقّه ، فلا وصيّة لوارث » ۱  .
وهذا الحديث مروي بطريق آخر عن ابن خارجة بنصّ يعارضه ، وفيه : «خطبنا رسول الله بمنى ، فقال : إنّ الله قد قسّم لكلّ إنسان نصيبه من الميراث ، فلا يجوز لوارث وصيّة إلاّ من الثلث » ۲  .
وهذا النصّ موافق لما تواتر عن أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) من جواز الوصية للوارث ، وقد أورد صاحب الوسائل ثلاثة عشر حديثاً تصرّح بجواز الوصية للوارث ۳  ، منها رواية محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : سألته عن الوصية للوارث ، فقال : تجوز ، قال : ثمّ تلا هذه الآية : إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالاَْقْرَبِينَ۴ » ۵  .
أقول : فهذه الأحاديث هي المقبولة ; لأنّها موافقة للكتاب دون الرواية النافية للوصية للوارث ; لأنّها مخالفة لقوله تعالى : كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالاَْقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ۶  .
فالآية صريحة في الوصية للوالدين ، وهما من أقرب الورّاث للإنسان ، ثمّ تعمّم موضوع الحكم للأقربين ، ليشمل كلّ قريب سواء كان من الورثة أم لا .
والرواية التي تقول : (لا يجوز لوارث وصيّة إلاّ من الثلث) ، موافقة للآية

1.سنن أبي داود ۳ / ۱۱۴ باب ما جاء في الوصية للوارث ، رقم ۲۸۷۰ .

2.سنن الدارقطني ۴ / ۱۵۲ الوصايا ، الحديث ۱۲ ، ۱۳ .

3.وسائل الشيعة ، الحرّ العاملي ۱۹ / ۲۸۷ ـ ۲۹۰ الباب۱۵ من كتاب الوصايا .

4.سورة البقرة ۲ : ۱۸۰ .

5.وسائل الشيعة ، الحرّ العاملي ۱۹ / ۲۸۷ باب جواز الوصية للوارث ، الحديث۲ .

الصفحه من 47