«قلت : فإن كان الخبران عنكما مشهورين ، قد رواهما الثقات عنكم ؟ قال : ينظر فما وافق حكمه حكم الكتاب والسنّة وخالف العامّة فيؤخذ به ، ويترك ما خالف حكمه حكم الكتاب والسنّة ووافق العامّة » ۱ .
والسرّ في ضرورة عرض روايات الثقات على الكتاب والسنّة المعلومة : أنّ وثاقة الراوي بمجرّدها لا تؤدّي إلى العلم بصدور ما يرويه عن المعصوم ، وإنّما تؤمننا فقط من احتمال تعمّده الكذب على الشارع المقدّس ، ويبقى احتمال خطئه في السماع والنقل قائماً ، مضافاً إلى احتمال خطأ النسّاخ لروايته ، وإلى احتمال أن تكون الرواية موضوعة على الثقات .
كما أنّ مجرّد فسق الراوي لا يسوّغ ردّ حديثه رأساً ; لاحتمال صدقه ; ذلك أنّ الفاسق لا يكذب على طول الخطّ ، والدليل على ذلك : أنّ الشارع المقدّس لم يأمر بردّ خبر الفاسق رأساً ، وإنّما أمر بالتبيّن بشأنه ، أي : بطلب البيّنة والدليل على صدقه أو كذبه ، قبل الأخذ بكلامه وترتيب الأثر عليه ، قال تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَة فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ۲ .
ومن الواضح : أنّه ليس المطلوب منّا في هذه الحالة إقامة الدليل على صدق الراوي عن طريق إثبات عدالته أو وثاقته ; وذلك لأنّ ثبوت فسقه مفروغ عنه في الآية الكريمة ، فلابدّ من اللجوء إلى قاعدة العرض على الكتاب والسنّة المعلومة ، لتحصيل العلم بصدقه أو كذبه ، تبعاً لموافقة ما يرويه للكتاب والسنّة أو مخالفته لهما .
فحاصل الأمر الثاني : وجوب تحكيم قاعدة العرض في جميع الروايات ،
1.الكافي ، الكليني ۱ / ۶۸ الحديث ۱۰ .
2.سورة الحجرات ۴۹ : ۶ .