عرض الحديث علي كتاب الله من قواعد تمييز الصحيح الموافق له من الباطل المخالف - الصفحه 48

وكان شيعة أهل البيت (عليهم السلام) يمثّلون المعارضة المضطهدة من قبل الحكّام ; لما
يحملونه من عقيدة وفكر مستقلّ معتمد على المصادر الإسلامية الأساسية ، ومن تشريع متكامل مستنبط من الكتاب والسنّة .
وفي مثل تلك الظروف يكون وضع الأحاديث المخالفة لما لدى الشيعة من عقائد وأحكام هو المتوقّع من أُولئك الحكّام غير الورعين ، ومن أتباعهم .
وكان الأئمّة (عليهم السلام) يواجهون هذا الواقع الأليم بكشف الحقائق للأُمّة إن أمكنتهم الظروف من ذلك ، ولكن سياسات القمع والتنكيل تجاه الأئمّة (عليهم السلام)وشيعتهم كانت تشتدّ في معظم الأوقات ممّا يضطرّ الأئمّة (عليهم السلام) لأن يجيبوا عن بعض الأسئلة بما يتّفق مع فتاوى فقهاء السلاطين من العامّة ; حفاظاً على أنفسهم وأتباعهم من بطش السلطة الحاكمة وتنكيلها ، وليس الغرض مخالفة فتاوى العامّة دائماً وبما هي فتاوى للعامّة ۱  .
وممّا ورد بهذا الشأن : رواية أبي إسحاق الأرجاني عن الإمام الصادق (عليه السلام)وفيها : « قال أبو عبدالله (عليه السلام) : أتدري لِمَ أُمرتُم بالأخذ بخلاف ما تقول العامّة ؟ فقلت : لا أدري ، فقال : إنّ علياً (عليه السلام) لم يكن يدين الله بدين إلاّ خالفت عليه الأُمّة إلى غيره ; إرادة لإبطال أمره ، وكانوا يسألون أمير المؤمنين (عليه السلام) عن الشيء الذي لا يعلمونه ، فإذا أفتاهم ، جعلوا له ضدّاً من عندهم ، ليلبسوا على الناس » ۲  .
ومن شواهد ما ذكرناه من صدور روايات التقية بهدف الدفاع عن كيان الشيعة وحمايتهم من التعرّض لاضطهاد وقمع السلطات الحاكمة :
1 ـ ما ورد عن زرارة بن أعين ، عن أبي جعفر (عليه السلام) : قال : « قلت ياابن رسول الله ، رجلان من أهل العراق من شيعتكم ، قدما يسألان ، فأجبت كلّ واحد

1.المنهج الرجالي ، السيّد محمّد رضا الحسيني الجلالي ، ص۱۱۹ ـ ۱۲۱ (بتصرّف) .

2.علل الشرائع ، الصدوق ۲ / ۲۴۹ الحديث ۱، وسائل الشيعة ، الحرّ العاملي ۲۷ / ۱۱۶ الحديث ۳۳۳۵۷ .

الصفحه من 47