أمّ المؤمنين الطاهرة خديجة بنت خُويلد - الصفحه 62

فقال : ( اقْرَأْ باِسْمِ رَبِّكَ الَّذِى خَلَقَ خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِى عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) .
فرجع بها رسول اللَّه صلى الله عليه وآله يرجف فؤاده ۱ حتّى دخل على خديجة .
فقال : زمّلوني زمّلوني ، فزمّلوه حتّى ذهب منه الرَوْعُ . ثمّ قال لخديجة : أي خديجة ، مالي ؟ وأخبرها الخبر ، قال : لقد خشيتُ على نفسي .
قالت له خديجة : كلّا ، ابشر ، فواللَّه لا يُخزيك اللَّه أبداً ، واللَّه إنّك لتصلُ الرحم ، وتصدق الحديثَ ،وتحمل الكلّ ، وتكسر المعدومَ ، وتُقري الضيفَ ، وتُعين على نوائب الحقّ .
فانطلقتْ به خديجة حتّى أتت ورقة بن نوفل ۲ بن أسد بن عبد العُزّى ، وكان امرءاً تنصّر في الجاهلية ، وكان يكتب الكتاب العربيّ من الإنجيل بالعبريّة ما شاء اللَّه ، وكان شيخاً كبيراً قد عمي .
فقالت له خديجة : أيّ (ابن )عمّ ، اسمع من ابن أخيك .
قال ورقة بن نوفل : يابن أخي ، ماذا ترى ؟ فأخبره رسول اللَّه صلى الله عليه وآله خبر مارآه .
فقال له ورقة : هذا الناموس الذي أنزلَ على موسى ، ياليتني فيها جذعاً ، ياليتني أكون حين يُخرجك قومك .
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : أومُخْرِجِيَّ ، هُمْ ؟
قال ورقة : نعم ، لم يأتِ رجلٌ قطّ بما جئتَ به إلّا عُودِيَ ، وإن يدركني يومُك أنصرك نصراً مؤزّراً ۳ .

1.ترجف بوادره خ ل (المؤلّف)

2.جاء في عمدة القاري ص ۶۲ كان في الجاهلية لفضله وفضيلته يُلقّب بالقسّ (المؤلّف)

3.قال العلّامة الطباطبائي في الميزان ج ۲ ص ۳۲۹ في تعليقه على قصّة ورقة بن نوفل مع خديجةعليها السلام : والقصّة لا تخلو من شي ء ، وأهون ما فيها من الإشكال شكّ النبيّ صلى الله عليه وآله في كون ما شاهدهُ وحياً إلهيّاً من مَلَكٍ سماويّ ألقى إليه كلام اللَّه! وتردّده ، بل ظنّه أنّه من مَسّ الشياطين بالجنون ! وأشكل منه : سكون نفسه في كونها نبوّةً إلى قول رجلٍ نصرانيّ مترهّب ؟! وقد قال تعالى : «قُلْ إِنِّى عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّى» (الأنعام : ۵۷) وأيّ حجّة بيّنة في قول ورقة ؟ وقد قال اللَّه تعالى : «قُلْ هَذِهِ سَبِيلِى أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِى» (يوسف : ۱۰۸) فهل بصيرته صلى الله عليه وآله هي سكون نفسه إلى قول ورقة ؟ وسكون من اتبعه سكون أنفسهم إلى سكون نفسه ما لا حجّة فيه قاطعة ؟ وقال تعالى : «إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ» (النساء : ۱۶۳) ، فهل اعتمادهم في نبوّتهم على مثل ما تقصّه هذه القصّة ؟ وللسيّد جعفر العاملي بحثٌ حول بدء الوحي وردّ الأساطير (كقصّة ورقة بن نوفل وغيرها) في الصحيح من السيرة ج ۱ ص ۲۱۷ - ص ۲۳۸ . وكذلك للشيخ جعفر السبحاني في : سيّد المرسلين ج ۱ ص ۳۳۶ - ص ۳۴۲ ، وكذلك للشيخ هادي معرفت في التمهيد في علوم القرآن ج ۱ ص ۴۷ - ص ۵۶۵ ، يجدر بالباحثين الوقوف عليها؛ لأنّ ذكر هذه القصّة تسيى ء إلى النبيّ صلى الله عليه وآله لذا ردّها الكثير من علمائنا المحقّقين رحم اللَّه الماضين منهم وأعلى شأن الحاضرين . وهذه القصّة ذكرها علماء العامّة وتكلّموا فيها بطريقة غير مألوفة ، وربّما لا يستسيغها العقل الفطري في شي ء ، أمّا علماؤنا الإماميّة فتكلّموا فيها بطريقة عقليّة على أساس الاستدلال البرهاني مدعماً بالنقل المأثور عن أئمّة أهل البيت عليهم السلام (التمهيد : ج ۱ ص ۴۷) (الشطري)

الصفحه من 116