إثبات صدور الحديث أسبابه و مناهجه - الصفحه 14

وعقّب الدكتور مصطفى السباعي على هذا الاستدلال بأنَّ « هذا الذي استظهره لا سند له من التاريخ ، ولا في سبب الحديث المذكور ، كما جاء في الكتب المعتمدة .
أمّا التاريخ فقاطع بأنّه لم يقع في حياة الرسول أنَّ أحدا ممّن أسلم وصحبه زَوّرَ عليه كلاما ورواه على أنّه حديثه عليه الصلاة والسلام .
وأمّا الحديث المذكور ، فقد اتّفقت كتب السنّة الصحيحة المعتمدة على «أنَّ الرسول إنّما قاله حين أمرهم بتبليغ حديثه إلى مَن بعدهم» ۱ .
ويرد على هذا التعقيب:
أوّلاً: إنَّ عدم وجدان شواهد في ما بين أيدينا من المصادر على ما وقع من الكذب عليه في حياته صلى الله عليه و آله لا يدلّ على عدم تحقّق الكذب عليه واقعا ، سيّما مع ملاحظة ما جاء في (نهج البلاغة) من قولِ الإمام عليّ عليه السلام : «ولقد كُذِبَ على رسولِ اللّه صلى الله عليه و آله في عهده ، حتى قام خطيبا فقال: «مَن كَذَبَ عليَّ متعمّدا ، فليتبوّأ مقعده من النار)» ۲ .
كما جاء عن الإمام أبي جعفر الثاني عليه السلام عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله أنّه قال: «قد كثرت عليَّ الكذابة وستكثر ، فمن كذبَ عليَّ متعمّدا فليتبوّأ مقعده من النار» ۳ .
فهذان نصّان يؤكّدان وقوع الكذب عليه في حياته صلى الله عليه و آله ويوضّحان ـ أيضا ـ أنَّ الحديث لم يصدر ـ فَقَطْ ـ مقترنا بأمرهم بتبليغ حديثه إلى مَن بعدهم .
ثانيا: إننا لا نعدم بعض الشواهد على وقوع الكذب عليه صلى الله عليه و آله في حياته ، نحو: ما أخرجه الطحاوي عن بريدة «قال: جاء رجلٌ إلى قومٍ في جانب المدينة ، فقال: إنَّ

1.السنّة ومكانتها في التشريع ، مصطفى السباعي ، ص ۲۶۶ ـ ۲۶۷ .

2.نهج البلاغة ، جمع الشريف الرضيّ ، تحقيق صبحي الصالح ، الكلمة ۲۱۰ ، ص ۳۲۵ .

3.بحار الأنوار ، مُحمّد باقر المجلسي ۲/۲۲۵ الحديث ۲ .

الصفحه من 45