إثبات صدور الحديث أسبابه و مناهجه - الصفحه 17

2 ـ ما نقل عن عثمان من أنّه توضّأ بعد انقضاء ست سنين من خلافته ، فغسل رجليه إلى الكعبين ، وقال: «رأيت رسول اللّه توضّأ نحو وضوئي هذا ، ثمّ قال رسول اللّه : «من توضأ نحو وضوئي هذاثمّ قام فركع ركعتين ، لا يحدّث فيهما نفسه ، غفر له ما تقدّم من ذنبه» ۱ .
وهو منافٍ لقوله تعالى: «يَـأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَوةِ فَاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ . . .» (المائدة:5/6) . ولست أدري كيف غابت هذه السنة الفعليّة عن أبي بكر و عمر وعليّ ، وحتى عثمان نفسه في السنوات الست الأولى من خلافته ، وبقيت تنتظر كلَّ هذا الوقت ، ليكشف عنها عثمان في بداية النصف الثاني من خلافته ، ويقسم بها المسلمين عمليّا الى فريقين في أداء فريضة الوضوء!
ومنه يتضح: أن تحديد بداية الوضع بالفتنة التي حدثت بعد مقتل عثمان ليس صحيحا ، وإنّما المستفاد من المصادر ، أنَّ الوضع صدر قبل هذا التاريخ ، لكنه كثر وظهر في عهد معاوية بسبب ما اضطلع به من التخطيط الهادف لعملية الوضع والبرمجة لها بهدف قلب الحقائق والتعتيم على الوقائع ، والذي تؤكّده المصادر أنّ النشاط المحموم لمعاوية في هذا المجال ، اتّخذ ثلاثة محاور:
المحور الأوّل: المنع من رواية الأحاديث الدالّة على إمامةِ علي عليه السلام بل حتى الدالّة على فضائله ، والتعامل مع من يخالف ذلك بمنتهى الشدّة والقسوة .
قال ابن أبي الحديد المعتزلي: «روى أبو الحسن عليّ بن مُحمّد بن أبي سيف المدائني في كتاب (الأحداث) قال: كتب معاوية نسخةً واحدةً إلى عمّاله بعد عام الجماعة [سنة 40ه] أنْ برئت الذمّةُ ممّن روى شيئا في فضلِ أبي تراب

1.صحيح البخاري ۱/۷۱ الحديث ۱۵۸ ، صحيح مسلم ۱/۱۰۱ ـ ۱۰۳ ، الحديث رقم ۵۳۷ .

الصفحه من 45