إثبات صدور الحديث أسبابه و مناهجه - الصفحه 26

الخشوع والنسك ، فيفتعلون الأحاديث ليحظوا بذلك عند ولاتهم ويقربوا مجالسهم ، ويُصيبوا به الأموال والضياع والمنازل ، حتّى انتقلت تلك الأخبار والأحاديث إلى أيدي الديّانين الذين لا يستحلّون الكذب والبهتان ، فقبلوها ورووها ، وهم يظنّون أنّها حقٌّ ، ولو علموا أنّها باطلة لما روَوْها ولا تدينّوا بها ۱ .
ومن أمثلة الوضع بهذا الدافع:
1 ـ : حديث عمرو بن العاص ، أنّه قال لرسول اللّه صلى الله عليه و آله : أيّ الناس أحبُّ اليك؟ قال: «عائشة» فقلت: مِن الرجال؟ فقال: «أبوها» قلتُ: ثمَّ مَن؟ قال: «عمر بن الخطّاب» ۲ .
ولم يذكر ابن العاص اسم عثمان؛ لأنّه كان يكرهه ، ويحرّض الناس على قتله أثناء حصاره في داره ، كما لم يذكر اسم عليّ بن أبي طالب؛ فقد وقف ضدّه أثناء الفتنة ، وانضمّ إلى معاوية وكان معه في صفّين ، وهو صاحب التحكيم الذي قام على الغشّ والخديعة ۳ .
2 ـ : ما قام به بعض علماء السّوء ، الذين تقرّبوا إلى الخلفاء والولاة بوضع الأحاديث الكاذبة على رسول اللّه صلى الله عليه و آله من أجل الحصول على المنافع الدنيويّة الزائلة ، ومن هؤلاء:
أ: غياث بن إبراهيم النخعي الكوفي ، الذي وصفه إمام أهل الجرح والتعديل يحيى بن مَعين بأنّه كذّابٌ خبيثٌ ۴ فإنّه دخل على الخليفة المهدي ، وكان يحبُّ الحمامَ ويلعب به ، فقال: حدّثنا فلانٌ عن فلانٍ أنَّ النبيّ صلى الله عليه و آله قال: «لا سبق إلّا في نصلٍ أو خُفّ أو حافرٍ أو جناحٍ» فأمر له المهدي ببدرةٍ ، فلمّا قام قال: أشهدُ على

1.شرح نهج البلاغة ۱۱/۴۵ ـ ۴۶ .

2.صحيح البخاري ۳/۱۳۳۹ الحديث رقم ۳۴۶۲ .

3.تدوين السنة ، ابراهيم فوزي ص ۸۰ .

4.لسان الميزان ، ابن حجر العسقلاني ۶/۳۱۱ .

الصفحه من 45