إثبات صدور الحديث أسبابه و مناهجه - الصفحه 37

يمتلئ شعرا ، فقالت عائشة : لم يحفظ الحديث ، إنّما قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : «لئن يمتلئ جوف أحدكم قيحا ودما خيرٌ له من أن يمتلئ شعرا هجيتُ به» ۱ .
وممّا يؤيّد خطأ أبي هريرة وأنّه لم يورد هذه الرواية على وجهها الصحيح: ما هو معلومٌ من أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله كان يستمع إلى الشعراء ويدعو لهم ، وأنّه حثّ حسّان على هجاء المشركين ، وكسا أحد الشعراء بُرْدَته .
وقد عقّب بعض الباحثين على هذه الرواية بقوله: إنّ كلام رسول اللّه صلى الله عليه و آله في مقام مذاكرة الشعر الذي يُهجى به الإسلام ونبيُّهُ وصحابتُهُ ، فلم يعِ الراوي سببَ قول النبيّ صلى الله عليه و آله ذلك وروى الحديث كما سمعه دون ذكر الملابسات التي أحاطت به لكن السيّدة عائشة بيّنت الحديث كما أراده النبيّ صلى الله عليه و آله ۲ .
ويرد عليه: أنّ أبا هريرة لم يروِ نصّ الحديث كما سمعه ، لا أنّه رواه دون ذكر ملابساته ، كما أنّ عائشة لم تبيّن مراد النبيّ صلى الله عليه و آله من الحديث ، وإنّما روته بنصّه كما قاله رسول اللّه صلى الله عليه و آله .
7 ـ قال بسر بن سعيد: اتّقوا اللّه وتحفّظوا من الحديث ، فواللّه لقد رأيتنا ونحن نجالس أبا هريرة ، فيتحدّث عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله ويحدّثنا عن كعب الأحبار ، ثم يقوم ، فأسمع بعض مَن كان معنا يجعل حديث رسول اللّه عن كعب ، وحديث كعب عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله ۳ .
8 ـ جاء في صحيح البخاري أن ابن عمر كان يكري مزارعه على عهد النبيّ صلى الله عليه و آله وأبي بكر وعمر وعثمان ، وصدرا من إمارة معاوية ، ثمّ حُدِّث عن رافع بن خديج أنَّ النبيّ صلى الله عليه و آله نهى عن كراء المزارع . . .

1.الإجابة ، المصدر السابق ، ص ۱۳۳ .

2.مقاييس نقد متون السنّة ، مسفر الدميني ص ۱۰۶ .

3.سير أعلام النبلاء ، الذهبي ۲/۴۳۶ ، البداية والنهاية ،ابن كثير ۸/۱۰۹ .

الصفحه من 45