إثبات صدور الحديث أسبابه و مناهجه - الصفحه 41

ويذهب البعض إلى شمول هذا التعريف لكلٍّ من نقد السند ، ونقد المتن؛ لقوله فيه: «وبيان عللها» والعلّة في اصطلاحهم قد تكون في المتن كما قد تكون في السند ، إلاّ أنّ الذي يبدو لي: أنّ نظر صاحب هذا التعريف متوجّه إلى خصوص نقد السند؛ بملاحظة قوله بعد ذلك: «والحكم على رواتها جرحا وتعديلاً . . .» .
وكما ذكرنا في التعريف الأوّل ، فإنّ المناسب استعمال باء السببيّة هنا أيضا بالقول: هو «العلم الذي يبحث في تمييز الأحاديث الصحيحة من الضعيفة ببيان عللها والحكم على رواتها جرحا وتعديلاً . . .» .
وعرّف نقد الحديث ـ أيضا ـ بأنّه: «الحكم على الرواة تجريحا أو تعديلاً بألفاظ خاصّة ذات دلائل معلومة عند أهله ، والنظر في متون الأحاديث التي صحَّ سندها لتصحيحها أو تضعيفها ، ولرفع الإشكال عمّا يبدو مشكلاً من صحيحها ودفع التعارض بينها بتطبيق مقاييس دقيقة» ۱ .
وهذا أضعف التعاريف المطروحة لنقد الحديث؛ وإن حاول قائله جعله جامعا بين نقد السند ونقد المتن ، إذ يرد عليه:
1 ـ أنّه لم يذكر النقطة الأساسيّة في التعريف ، وهي أنّه: «العلم بتمييز الحديث الصحيح من الضعيف» .
2 ـ أنه اقتصر على ذكر الموازين التي تعرف بها صحّة السند أو ضعفه ، دون أن يبيّن موازين نقد المتن .
3 ـ الظاهر من قوله: «والنظر في متون الأحاديث التي صحّ سندها لتصحيحها أو تضعيفها . . .» أنّه لا يرى (نقد المتن) منهجا مستقلاً بنفسه ، بل يراه مرحلةً تاليةً مكملةً لنقد السند ، مع أنَّ الصحيح: أنَّ كلاً من المنهجين مستقلّ عن الآخر وقائم بنفسه ، وأنَّ النتيجة المستفادة من أحدهما تختلف عن المستفادة من الآخر .

1.جهود المحدّثين في نقد متن الحديث ، مُحمّد طاهر الجوابي ، ص ۹۴ .

الصفحه من 45