مانزل علي رسول الله (ص) من الجنّة و السّماء - الصفحه 225

قلت: وتمسّك ابن حبان بظاهر الحال ، فاستدلّ بهذا الحديث على تضعيف الأحاديث الواردة بأنّه(صلى الله عليه وآله) كان يجوعُ ويشدّ الحَجَرَ على بطنه من الجوع .
قال لأنّ الله تعالى كان يُطعمُ رسولَه ويَسقِيه إذا واصَلَ ، فكيفَ يتركُه جائعاً حتّى يحتاجَ إلى شَدّ الحَجَر على بَطنه !؟ . ثمّ قال: وماذا يُغنى الحَجَرُ من الجوع ؟! . ثمّ ادّعى أنّ ذلك تصحيفٌ ممن رواه ، وإنّما هي الحُجَزُ - بالزاي - جمع حُجْزة ۱ . وقد أكثر الناس من الردّ عليه في جميع ذلك ، وأبلغ ما يردّ عليه به أنه أخرج في صحيحه من حديث ابن عبّاس قال: خرج النبيّ(صلى الله عليه وآله) بالهاجرة فرأى أبا بكر وعمر فقال ما أخرجكما؟ قالا: ما أخرجنا إلاّ الجوع . فقال: « وأنا والذي نفسي بيده ما أخرجني إلاّ الجوع » الحديث .
فهذا الحديث يردّ ما تمسّك به ابن حبّان .
وأمّا قوله : وما يغني الحَجَرُ من الجوع؟ .
فجوابه: إنّه يقيمُ الصُلب ، لأنّ البطن إذا خلا ربّما ضعفَ صاحبُه عن القيام لانثناء بطنه عليه ، فإذا رَبَطَ عليه الحَجَرَ اشتَدّ وقَوِيَ صاحبُه على القيام ، حتّى قال بعض مَن وَقَعَ لَه ذلك : كنتُ أظُنُّ الرجلين يحملان البطنَ فإذا البطنُ يحملُ الرجلين .
والقول الثاني لجماعة: قالوا: هو مجازٌ عن لازم الطعام والشراب وهو القُوّةُ ، فكأنّه قال: قُوّةُ الآكِلِ الشارِبِ ، ويفيض عليّ ما يَسدُّ مَسَدَّ الطعامِ والشرابِ ويقوّي على أنواع الطاعة من غير ضعف في القُوّة لابِكلال في الإحساس ، والمعنى

1.المعروف والمفهوم من ظاهر هذا الحديث أنّه عليه السلام كان يشدّ الحَجَر - بفتحتين بمعنى الحجارة - على بطنه من الجُوع! لكنّ ذكر الشيخُ الجليلُ الحجّةُ الميرزا أحمدُ الدشتيّ دام ظله أنّ هذا تصحيفٌ ، والصحيح: أنّه (عليه السلام) كان يشُدّ حِجْرَهُ - بكسر الحاء المهملة وسكون الجيم المعجمة - كما هو المتعارف عند العرب من رفع ثوبهم الطويل عند العمل وشدّه على وسط الظهر فالمراد من الحديث هو التحزّم بالثوب . التحرير

الصفحه من 229