فتفرّقوا على إحضار الزاجرة والجامعة من غد للنظر فيهما ، والعمل بما يثيران ۱ منهما . فلمّا كان من الغد ; صار أهل نجران إلى بِيعتهم لاعتبار ما أجمع صاحباهم مع حارثة على اقتباسه وتبيّنه من الجامعة . ولمّا رأى السيِّد والعاقب اجتماع الناس لذلك قُطِعَ بهما لعلمهما بصواب قول حارثة ، واعترضاه ليصدّانه عن تصفّح الصحف على أعين الناس . وكانا من شياطين الإنس .
فقال السيِّد : إنّك قد أكثرت وأمللت ، فضّ ۲ الحديث لنا مع قضّه ۳ ودعنا من تبيانه . فقال حارثة : وهل هذا إلاّ منك وصاحبك ؟ ! فمن الآن فقولا ما شئتما .
فقال العاقب : ما من مقال إلاَّ قلنا ، وسنعود فنخبّر بعض ذلك لك تخبيراً ، غير كاتمين لله عزّ وجلّ من حجّة ، ولا جاحدين له آية ، ولا مفترين مع ذلك على الله عزّ وجلّ لعبد أ نَّه مرسل منه وليس برسوله ، فنحن نعترف ـ يا هذا ـ بمحمّد أَ نَّه رسول من الله عزّ وجلّ إلى قومه من بني إسماعيل (صلى الله عليه وآله) في غير أن تجب له بذلك على غيرهم من عرب الناس ولا أعاجمهم تباعةٌ ولا طاعةٌ ، بخروج له عن ملّة ولا دخول معه في ملّة ، إلاّ الإقرار له بالنبوّة والرسالة إلى أعيان قومه ودينه .
قال حارثة : وبم شهدتما له بالنبوّة والأمر ؟ ! قالا : حيث جاءتنا فيه البيّنة من
1.كذا في بحار الأنوارعن نسخة ، ثمَّ قال : في القاموس : ثوَّر القرآن : بحث عن علمه . منه ( قدّس سرّه ) انظر : القاموس المحيط ۱/۳۸۴ ، وكذا في الصحاح ۲/۶۰۶ .
2.كذا في بحار الأنوار : و(قضّ) نسخة بدل هناك ، وذكر نسخة أخرى : قص .
3.وفي بحار الأنوار : فضّه ، وجاء عليه نسخة بدل : قصّه ، وذكر في هامشه : أقول : في المصدر : قض الحديث لنا مع قضه ، ودعنا من ] خ . ل : مع [ تبيانه . وقد جاء على طبعة ( ح ) ما يلي : فض ـ بالفاء والضاد المعجمة ـ الكسر ، والمعنى : دعنا نترك الكلام بكسر الحديث . واحتمل في بيان البحار غير ذلك ، وأن يكون قصَّ ـ بالقاف والصاد المهملة ـ من قصَّ جناح الطائر إذا قطعه ، وعليه فالمعنى : انقطع الحديث والكلام . ونجعل بيانه عنده ، ويحتمل أن يكون من القصّة ، أو يكون بالقاف والضاد المعجمة من قضّ اللؤلؤة : ثقبها ، والشيء : دقّه ، والوتد : قطعه ، وجاؤوا قضّهم وقضيضهم . أي جميعهم . كما صرَّح به العلاّمة المجلسي في بيانه ، وجاء في كتب اللغة .