أمركم، وإلا فلا حاجة لي فيه. قالوا: ما قلت من شي قبلناه إن شاء اللَّه، فجاء فصعد المنبر، فاجتمع الناس إليه، فقال: اني قد كنت كارهاً لامركم فأبيتم إلا أن أكون عليكم، ألا وأنه ليس لي أمر دونكم إلا أن مفاتيح مالكم معي، ألا وإنه ليس لي أن آخذ منه درهماً دونكم، رضيتم؟ قالوا: نعم. قال: اللهم اشهد عليهم، ثم بايعهم على ذلك 1 .
والامر الآخر في هذا السياق هو قراره بردّ قطائع عثمان الى المسلمين في اليوم الثاني من البيعة.
روى الكلبي مروية مرفوعة إلى أبي صالح، عن ابن عباس رضى الله عنه: أن علياًعليه السلام خطب في اليوم الثاني من بيعته بالمدينة، فقال: ألا إن كل قطيعة أقطعها عثمان، وكل مال أعطاه من مال اللَّه، فهو مردود في بيت المال، فإن الحق القديم لا يبطله شي، ولو وجدته وقد تزوج به النساء، وفرق في البلدان، لرددته إلى حاله، فإن في العدل سعة، ومن ضاق عنه الحق فالجور عليه أضيق 2 .
قال الكلبي: فبلغ ذلك عمرو بن العاص، وكان بأيلة من أرض الشام، أتاها حيث وثب الناس على عثمان، فنزلها فكتب إلى معاوية: ما كنت صانعاً فاصنع، إذ قشرك ابن أبي طالب من كل مال تملكه كما تقشر عن العصا لحاها 3 .
وخلال حكومته عليه السلام لم يكن يستأثر بشي من الفي، ولا يخصّ به حميماً ولا قريباً 4 ، وكان يقول عليه السلام: واللَّه لأن أبيت على حسك السعدان مسهداً، وأجرّ في الأغلال مصفداً، أحبّ إليّ من أن ألقى اللَّه ورسوله يوم القيامة ظالماً لبعض العباد، وغاصباً لشي من الحطام. وكيف أظلم أحداً لنفس يسرع إلى البلى قفولها، ويطول
1.تاريخ الطبري ۴: ۴۲۸ - حوادث سنة ۳۵
2.شرح ابن أبي الحديد ۱: ۲۶۹
3.شرح ابن أبي الحديد ۱: ۲۷۰
4.الاستيعاب ۳: ۴۸