التكافل بين أبناء الدين الواحد، وتقضي على أسباب الفقر.
قال عليه السلام: إن اللَّه سبحانه فرض في أموال الأغنياء أقوات الفقراء، فما جاع فقير إلا بما متّع به غني، واللَّه تعالى سائلهم عن ذلك ۱ .
وهكذا انتصف للمستضعفين من أصحاب الثراء والسلطان، وكان ديدنه توزيع ما يرد بيت المال على المسلمين في حينه، بحيث لا يختزن فيه شيئاً حتى الرغيف والخيط والإبرة، وكان يرشّه بعد أن يفرغه ويصلي فيه ركعتين، ومضى في هذا السبيل الى النهاية، ولم يزعزعه عنه كلّ شي.
فحينما عوتب عليه السلام على التسوية في العطاء من غير تفضيل أولي السابقات والشرف، قال: أتأمروني أن أطلب النصر بالجور فيمن وليت عليه ! واللَّه لا أطور به ما سمّر سمير، وما أمّ نجم في السماء نجماً! ولو كان المال لي لسويت بينهم، فكيف وإنما المال مال اللَّه ؟! ۲ .
وحينما أخذ بعض من بايعه يتسلل من المدينة ليلتحق بمعاوية هرباً من العدل، كتب عليه السلام الى سهل بن حنيف - وهو عامله على المدينة -: أما بعد، فقد بلغني أن رجالاً ممن قبلك يتسللون إلى معاوية، فلا تأسف على ما يفوتك من عددهم، ويذهب عنك من مددهم، فكفى لهم غياً ولك منهم شافياً، فرارهم من الهدى والحقّ، و- إيضا- عهم إلى العمى والجهل، وإنما هم أهل دنيا مقبلون عليها، ومهطعون إليها، قد عرفوا العدل ورأوه وسمعوه ووعوه، وعلموا أن الناس عنده في الحقّ أسوة، فهربوا إلى الأثرة، فبعداً لهم وسحقاً، إنهم واللَّه لم ينفروا من جور، ولم يلحقوا بعدل. وإنا لنطمع في هذا الأمر أن يذلّل اللَّه لنا صعبه، ويسهّل لنا حزنه، إن شاء اللَّه، والسلام ۳ .
1.نهج البلاغة: ۵۳۳ - الحكمة ۳۲۸
2.شرح ابن أبي الحديد ۸: ۱۰۹
3.نهج البلاغة:۴۶۱ - الكتاب ۷۰